أوصى الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام، بإنشاء قناة فضائية متخصصة بالأمن تتصدى للإرهاب وتكافحه، وتطرح فيها القضايا محل الشبهة والإشكال، وكذلك بأن تتنادى الأمة إلى مشروع حضاري يعنى بإشراقات الدين وجمالياته يبث بلغات حية إلى كافة أنحاء العالم. جاء ذلك في الجلسة العاشرة من جلسات مؤتمر الإرهاب المنعقدة حاليا في الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة. وقدم السديس حلولاً لظاهرة الإرهاب لخصها في عشرة حلول ووسائل علاجية لظاهرة الإرهاب تجمع بين الإصلاح والتربية والتثقيف والوعظ و الردع والزجر منها التسلح بالعلم الشرعي، ونهوض العلماء بالبيان وتوجيه الشباب، والتزام الرفق والوسط ومجافاة الغلو والشطط، وضبط الفتوى وحصرها في الأكفاء، والعناية بالأمن الفكري، وفتح باب الحوار وتفعيل لجان المناصحة. وقال السديس إنه لا حاجة للإغراق في تحديد الإرهاب، مشدّداً على ضرورة الأخذ بقاعدة "اعتبار المآلات" التي يغفل عنها الكثيرون، بأن يتحرى الإنسان عن ما يؤول إليه فعله فإن كان يؤول إلى خير وإلا فعليه أن يكف عنه. وتساءل السديس لماذا نسمع جعجةً كثيرة في الإعلام عن قضايا فكرية ولا نسمع تأصيلاً عن بعض القضايا المهمة مثل قضية الولاء والبراء، وقضية الجهاد، وقضية التكفير، مشيراً إلى أن بعض المتحدثين في الإعلام قد يلقون على بعض شبابنا كلاماً لو رجع قائله ونظر إلى مآلته لتراجع عنه. وقال السديس إنه يرى أن بعض محاور المؤتمر تحتاج إلى إعادة صياغة، فلا ينبغي أن نغوص في ذكر الأسباب حتى لا يفهم شبابنا أننا نبرر لهم الخروج والانحراف. وأضاف البعض يريد جرّنا إلى أنواع من التطرف الفكري المقابل فلذا لا بد من التوازن والوسطية التي امتازت بها هذه البلاد. من جهته، قال الدكتور سلمان العودة الذي قدم بحث بعنوان: "أسباب وجود ظاهرة العنف والإرهاب في أوساط الشباب المسلم وحلولها" حاولت في هذه الورقة أن أقدم ملاحظات لا دراسة أكاديمية، مشيراً إلى أن ظاهرة الإرهاب ظاهرة عالمية لا دين لها ولا لون، واليوم نقرأ في الصحف أنه تم القبض في أمريكا على مجموعات مسيحية متطرفة، وهناك ما يسمى بالإرهاب الدولي أبرز مظاهره إرهاب القوى الصهيوينة. وقال العودة: نحن مطالبون بأن نخاطب شبابنا الذين يستمعون إلينا من منطلق الحب والشفقة والرحمة والخوف عليهم، وعلى دينهم الذي يشوه، ومستقبلهم الذي يبدو مظلماً في ظل هذا الفكر المنحرف. وعرض العودة لما يرى أنه من أسباب وقوع الشباب في الإرهاب مؤكداً أنه يجب أن يكون في عرض الأسباب قدر كبير من الموضوعية والحياد، فعرض الأسباب يجب أن يكون بعيداً عن التراشق أو الولاءات المتقابلة، أو تصفية الحسابات، فالإرهاب لا يفرق بين أحد وأحد، ومعه لن يستطيع الإنسان أن يعيش ولا يعمل ولا يعبدالله وهو قضاء على البقية الباقية من الحياة في المجتمعات. وشدد العودة على أنه لا يقصد بالحديث عن الإرهاب الهجوم على أفراده أو التهجم عليهم بل حماية الأفراد منه حباً لهم ولدينهم وحفظاً لأموالهم ولحقوق الإنسان واستمراراً للتنمية في المجتمعات، وزاد: لم أشأ أن أوجه هذا البحث إلى أطر أكاديمية وإنما منطلقاً من ملاحظتي على مدى عشر سنوات، والحلول متصلة بالأسباب وهي قضية شرعية مقررة، وقضية علمية متفق عليها، فكل سبب هو مدعاة إلى الحل، ولن نستطيع الحل ما لم نضع يدنا على الأسباب، وهناك أسباب تتعلق بالشخص نفسه أو أسباب اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها، فعنف الخوارج ليس نتيجة عن تقصير أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولكن له أسباب نفسية واجتماعية وبعض التغيرات التي حدثت في حياة المسلمين مما سبب لهذه الرموز الانحراف. وقال العودة إن مسألة تجريم العنف وإدانته يجب أن تكون واضحة وقوية ولا نقولها مرة واحدة وينبغي أن تكون ثقافة نقولها ونتحدث بها مع أطفالنا وفي المدارس والمساجد والمحافل كلها، فينبغي أن يكون ثمت حديث مستفيض عاطفي أحياناً وعلمي أحياناً أخرى. كما ذكر العودة بعض المقدمات الضرورية للموضوع هي أن ما تصنعه فئة من المسلمين لا يلزم أن يكون إملاء شرعيًّا، وأن الجمهرة الغالبة من المسلمين تقع تحت دائرة الاعتدال وضبط النفس، وأن تناول العنف والإرهاب لا ينبغي أن يلغي الحديث عن القضايا الأخرى، وقال: أرى أمامي عدداً ضخماً من شباب الجامعة الإسلامية وهذه ظاهرة لأول مرة أشاهدها، أن يكون الشباب أنفسهم حاضرين ومستمعين ومتفاعلين، فالجامعة تخرج شباباً من العالم كله فلا بد من الوعي والحوار والمناقشة التي قد تكون باب هداية لكثيرين، والتكرار مهم ومطلوب وتصريف الحديث حول هذا الموضوع مطلوب. وقال العودة آن الأوان ألا نجعل الحديث عن الإرهاب يظهر وكأننا أشخاص أملت علينا الحكومات أن نقول ما نقوله في هذا الموضوع، فالقصة ليست كذلك، القصة أن الإرهاب فساد في الأرض وتدمير للحياة ولذا ينبغي أن نستمر في هذا الحديث ولا نمل من تكراره وإعادته. وعن الموقف من العنف والإرهاب قال العودة لا شك أنه محرم والآيات على تجريمه كثيرة، ومنها مدح الرفق وذم القتل والتدمير، ومنع الفئة القليلة من الافتئات على الحاكم والجماعة، وزاد: دائماً ما نتحدث عن الإدانة والأسباب، وكأننا نجمل في الإدانة ونفصل في الأسباب، والذي يجب أن نفصل في الإدانة ونجمل في الأسباب، مشيراً إلى ضرورة استخدام "فقه الممكن" من أجل الفقه الذي يمكن أن ينتفع به الدعاة. وفي سؤال للدكتور السديس حول المقام الذي وقفه ابن عباس مع فئة الخوارج أيام الفتنة في زمن علي رضي الله عنه، وهل تم تأهيل علماء مسلمين للوقوف مثل هذا المقام للوقوف أمام الفئة الضالة؟ فأجاب السديس: سؤال مهم يثير أن تكون قضية معالجة الإرهاب من خلال العلاج الذي سلكه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع هذه الفئة، والواقع أن مناظرة الصحابي الجليل لعبدالله بن عباس تعد وثيقة شرعية ومنهجاً شرعياً ينبغي أن يحتذى لأنه رضي الله عنه عالج القضية من عدة اعتبارات، بتجلية العلم وبيان الفهم الصحيح في القضايا، وبعلاج لمس فيه عواطفهم وحرك فيهم عقولهم، وحرك فيهم جوانب إيجابية لعلهم أن يفيئوا لجماعة المسلمين،وينبغي أن يتربى المحاورون وخاصة لجان المناصحة إلى هذه المحاورة ويستفيدوا منه وقد رجع من الخوارج بسبب مناظرة ابن عباس قرابة 4000. وفي مداخلة للطالب أيوب سعيد العطيف قال: نود أن نقرأ في التوصيات قاعدة كلية مفادها أن بلد الحرمين لا بد أن يكون آمناً فهذا مقتضى الإيمان وهو ما شاءه الله كوناً وقدراً "وإذ جعلنا" “ومن دخله" وهو من جوهريات دعوة الأنبياء، ومن مقتضى الإيمان أن تسعى كل الجهود لترسيخ هذا المبدأ ليتحقق قدراً، وأرى أن المناسبة مناسبة لنقول حرام على كل فئة من أي جهة أن تكيل شراً أو تكيل ضراً لبلد الحرمين والرسالة أو للتوحيد والشريعة، وما أشبه الليلة بالبارحة، وقف د.عبدالرحمن الهدلق في مقامكم وقال إن المملكة وفقت توفيقاً علميًا حين سمت الفكر بفكر الفئة الضالة بناء على دراسات علمية وشرعية جراء التأمل والنظر في حال الفئة ونزلت الحكم على هذا الأساس. من جهة أخرى، أكدت عسكريات في جهات أمنية نجاح الجامعة الإسلامية في احتضانها لمؤتمر الإرهاب واختيارها محورا هام (تطرف الفكر وفكر التطرف) لمناقشته أوراقه عبر نخبة تربوية وأكاديمية للخروج بتوصيات تخدم امن الوطن وتحمي أبناء الأمة من تخبط المتطرفين، وأشرن أنهن في موقعهن كعسكريات مسئولات عن المحافظة علي الأمن ومراقبة التغيرات المريبة بين النساء سواء في مجال العمل أو خارجه والتبليغ عن أي أخطاء يرصدونها تؤثر علي سلامة المواطنين وعلي استقرار امن الوطن ومكتسباته. وقالت مديرة السجن النسائي إيمان مددين إن عنوان مؤتمر الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف الذي عقدته الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة يهتم بمناقشة قضايا وموضوعات مهمة وهو الإرهاب وتبعاته التي شغلت العالم بشكل عام بعد الاكتواء بأضراره المخربة وفي المؤتمر سيتم البحث والتطرق بالدراسة والتحليل لمواضع من أهمها تحذير الشباب من الوقوع في مصائد الإرهاب وإقناع من غرر بهم للعود للصواب. وأشارت إلي مشاركة المرأة في المؤتمر بأنها ضرورية لا سيما وأن المرأة المربية التي ترسخ في أبنائها وبناتها الصفات الحسنة ووسطية التعامل، مشيدة بما تقوم به الجامعة الإسلامية من جهود لخدمة الإسلام والمسلمين. وقالت العريف نوال البيشي أن القائمين وفقوا باختيار موضوع الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف ليكون عنواناً للمؤتمر وقد اطلعت علي محاور المؤتمر ووجدتها قد اختيرت بدقة و معظم بحوثها تندرج تحتها عناوين بارزة تساهم في حلول قمة في الأهمية لاسيما في القطاع الأمني . وكوني من منسوبات الجهات الأمنية احرص علي متابعة ما يخدم حوادث الأمن ومعالجتها فهي تعطيني الدافع في عملي وتبصرني بالأساليب الجيدة في التعامل