في الجلسة العاشرة من جلسات مؤتمر الإرهاب تحدث الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام والدكتور سلمان بن فهد العودة المشرف على مجموعة مؤسسات الإسلام اليوم، وشرفها وكيل إمارة منطقة المدينةالمنورة سليمان بن محمد الجريش، كما ترأسها معالي وزير العدل الشيخ الدكتور محمد العيسى. بداية تحدث الشيخ السديس عن بحثه المقدم للمؤتمر بعنوان “الإرهاب في ضوء الكتاب والسنة، تشخيص الداء ووصف الدواء”، وأكد أن الإرهاب مرادف للحرابة والبغي والفساد في الأرض والخروج عن جماعة المسلمين وشق عصا الطاعة، وحصر السديس في بحثه المقدم لمؤتمر الإرهاب بعنوان “الإرهاب في ضوء السنة والكتاب تشخيص الداء ووصف الدواء”، حصر أسباب الإرهاب في الجهل بالكتاب والسنة وإهمال مقاصد الشريعة، والانحراف الفكري، والجرأة على الطعن في كبار العلماء الحكماء والتطاول على الفقهاء النبلاء والأخذ عن مرجعية غير موثوقة، وتعطيل العمل بقاعدة : اعتبار المآلات، وأسباب اجتماعية وإعلامية، وتغلغل الأفكار الهدامة وتسللها إلى شباب الأمة. وناقش فضيلة السديس العواقب والأضرار الناجمة عن الإرهاب وقد تخير أعظم هذه العواقب والأضرار جرمًا وأكثرها خطرًا على المجتمع مناقشًا لكل أثر على حدة وموضحا خطره وموقعه من الإجرام ومستدلاً لما يقول بأدلة دامغة من الكتاب والسنة ولخص هذه العواقب والأضرار في: تشويه إشراقة الدين وجمالياته، وقتل الأنفس المعصومة من المسلمين والمعاهدين والمستأمنين، واضطراب الأمن والاستقرار وفتح أبواب الزعازع والإفساد، وهدم البيوت وإتلاف الأموال وتدمير المرافق والممتلكات العامة، وصرف الأمة عن قضاياها المهمة، والصدّ عن الدعوة الإسلامية وتضييق الخناق على الأعمال الخيرية وفتح الباب للمتربّصين بالإسلام وأهله. كما ناقش الشيخ السديس الإرهاب من حيث مخالفته للشريعة والأدلة والإجابة عن شبه المفتونين به، وذلك بتناول فضيلته نطاق تجني الإرهاب على تكريم الإسلام للإنسان، ومقدار مخالفة الإرهاب للوسطية الإسلامية وتجسيده للغلو، ووقوع الإرهاب في دائرة الإفساد في الأرض، واستناد الإرهاب على تكئة التكفير المطلق للغير بدون ضوابط، وما ينطوي عليه الإرهاب من شق عصا الطاعة والخروج على الجماعة. وخصص الشيخ السديس مبحثاً لتفنيد شبهة الفكر الإرهابي ومغالطته والإجابة عن هذه الشبه، وقد توصل فضيلته إلى ذلك تناول شبهة تكفير الحكام حيث أوضح شروط التكفير وموانعه، وشبهة استباحة الخروج على الحكام وقتالهم حيث فندها ورد عليها، وشبهة تغيير المنكر باليد وبالسلاح وتفنيدها والرد عليها، وشبهة زعمهم أن الأمة في مرحلة جهاد الدفع حيث بيّن المقصود بجهاد الدفع ومتى وممن يكون، وكذلك تناول شبهة إخراج الكفار من جزيرة العرب حيث أوضح الجهة التي من حقها إخراج الكفار من جزيرة العرب و الأسباب المشروعة لإخراجهم، وشبهة الفهم الخاطئ لعقيدة الولاء والبراء. وقدم حلولاً لظاهرة الإرهاب في عشرة حلول ووسائل علاجية لظاهرة الإرهاب تجمع بين الإصلاح والتربية والتثقيف والوعظ و الردع والزجر منها التسلح بالعلم الشرعي، ونهوض العلماء بالبيان وتوجيه الشباب، والتزام الرفق والوسط ومجافاة الغلو والشطط، وضبط الفتوى وحصرها في الأكفاء، والعناية بالأمن الفكري، وفتح باب الحوار وتفعيل لجان المناصحة. ثم تحدث الدكتور سلمان بن فهد العودة عن بحثه المقدم بعنوان: “أسباب وجود ظاهرة العنف والإرهاب في أوساط الشباب المسلم وحلولها”، وقال: حاولت في هذه الورقة أن أقدم ملاحظات لا دراسة أكاديمية، مشيراً إلى أن ظاهرة الإرهاب ظاهرة عالمية لا دين لها ولا لون، واليوم نقرأ في الصحف أنه تم القبض في أمريكا على مجموعات مسيحية متطرفة، وهناك ما يسمى بالإرهاب الدولي أبرز مظاهره إرهاب القوى الصهيوينة. وقال العودة: نحن مطالبون بأن نخاطب شبابنا الذين يستمعون إلينا من منطلق الحب والشفقة والرحمة والخوف عليهم، وعلى دينهم الذي يشوه، ومستقبلهم الذي يبدو مظلماً في ظل هذا الفكر المنحرف. ثم عرض العودة لما يرى أنه من أسباب وقوع الشباب في الإرهاب مؤكداً أنه يجب أن يكون في عرض الأسباب قدر كبير من الموضوعية والحياد، فعرض الأسباب يجب أن يكون بعيداً عن التراشق أو الولاءات المتقابلة، أو تصفية الحسابات، فالإرهاب لا يفرق بين أحد وأحد، ومعه لن يستطيع الإنسان أن يعيش ولا يعمل ولا يعبد الله وهو قضاء على البقية الباقية من الحياة في المجتمعات. وشدد العودة على أنه لا يقصد بالحديث عن الإرهاب الهجوم على أفراده أو التهجم عليهم بل حماية الأفراد منه حباً لهم ولدينهم وحفظاً لأموالهم ولحقوق الإنسان واستمراراً للتنمية في المجتمعات، وزاد: لم أشأ أن أوجه هذا البحث إلى أطر أكاديمية وإنما منطلقاً من ملاحظتي على مدى عشر سنوات، والحلول متصلة بالأسباب وهي قضية شرعية مقررة، وقضية علمية متفق عليها، فكل سبب هو مدعاة إلى الحل، ولن نستطيع الحل ما لم نضع يدنا على الأسباب، وهناك أسباب تتعلق بالشخص نفسه أو أسباب اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها، فعنف الخوارج ليس نتيجة عن تقصير أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولكن له أسباب نفسية واجتماعية وبعض التغيرات التي حدثت في حياة المسلمين مما سبب لهذه الرموز الانحراف. وقال العودة إن مسألة تجريم العنف وإدانته يجب أن تكون واضحة وقوية ولا نقولها مرة واحدة وينبغي أن تكون ثقافة نقولها ونتحدث بها مع أطفالنا وفي المدارس والمساجد والمحافل كلها، فينبغي أن يكون ثمت حديث مستفيض عاطفي أحياناً وعلمي أحياناً أخرى. كما ذكر العودة بعض المقدمات الضرورية للموضوع هي أن ما تصنعه فئة من المسلمين لا يلزم أن يكون إملاء شرعيًّا، وأن الجمهرة الغالبة من المسلمين تقع تحت دائرة الاعتدال وضبط النفس، وأن تناول العنف والإرهاب لا ينبغي أن يلغي الحديث عن القضايا الأخرى، وقال: أرى أمامي عدداً ضخماً من شباب الجامعة الإسلامية وهذه ظاهرة لأول مرة أشاهدها، أن يكون الشباب أنفسهم حاضرين ومستمعين ومتفاعلين، فالجامعة تخرج شباباً من العالم كله فلا بد من الوعي والحوار والمناقشة التي قد تكون باب هداية لكثيرين، والتكرار مهم ومطلوب وتصريف الحديث حول هذا الموضوع مطلوب. وقال العودة آن الأوان ألا نجعل الحديث عن الإرهاب يظهر وكأننا أشخاص أملت علينا الحكومات أن نقول ما نقوله في هذا الموضوع، فالقصة ليست كذلك، القصة أن الإرهاب فساد في الأرض وتدمير للحياة ولذا ينبغي أن نستمر في هذا الحديث ولا نمل من تكراره وإعادته. وعن الموقف من العنف والإرهاب قال العودة لا شك أنه محرم والآيات على تجريمه كثيرة، ومنها مدح الرفق وذم القتل والتدمير، ومنع الفئة القليلة من الافتئات على الحاكم والجماعة، وزاد: دائماً ما نتحدث عن الإدانة والأسباب، وكأننا نجمل في الإدانة ونفصل في الأسباب، والذي يجب أن نفصل في الإدانة ونجمل في الأسباب، مشيراً إلى ضرورة استخدام “فقه الممكن” من أجل الفقه الذي يمكن أن ينتفع به الدعاة.