سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"يا وزير الشؤون الاجتماعية".. عصابات المتسولين تنتشر في مدننا وشوارعنا.. ومكاتب المكافحة آخر من يعلم! بسببهم زادت السرقات وارتفعت معدلات الجريمة الأخلاقية وانتشر ترويج المخدرات
على الرغم من أن التسول وسيلة "ممقوتة" من وسائل التكسب الرخيص التي تعزز وجود فئات "طفيلية" في المجتمع، إلا أن التسول والمتسولين صاروا يحتلون مساحة كبيرة من حياتنا اليومية، نجدهم في كل مكان، وفي كل شارع، وفي كل سوق، وفي كل مدينة وقرية، وميدان، ومركز تجاري، وإشارة مرور.. كبار، وصغار.. رجال، ونساء.. سعوديين وغير سعوديين، ينتشرون بيننا، يرصدون كل كبيرة وصغيرة.. ويعرفون أحياءنا وطرقاتنا أكثر منا، ويفهمون أوضاعنا الاجتماعية والأمنية أفضل من كثيرنا.. ولأننا شعب طيب يؤثر فينا الضعف الإنساني والفقر، فإن أهم أسباب كثرة المتسولين هي الصدقات والهبات التي يكسبونها منا لأننا نشعر نحوهم بالرأفة والعطف، وأحياناً قليلة يتملكنا منهم الانزعاج والاستغراب، وتتوه مشاعرنا بين التعاطف والشك، لكنها تدفعنا في النهاية للتغاضي عن وجودهم المكثف في بلادنا لأسباب إنسانية بحتة، ما يزيد هذه الظاهرة ولا يحقق المصلحة في مكافحتها. إلا أن هذا النوع من الممارسات "الخفية"، والتسول الذي تزايد في الآونة الأخيرة بشكل يفوق المعدل الطبيعي، يضطرنا إلى أن نقف ونشاهد ونرصد.. لنقيس الأمور والأشخاص بمنظار المصلحة العامة التي تتجاوز التعاطف إلى رؤية الأضرار البليغة لهؤلاء على المجتمع بكامله، لاسيما إن صدق ما تكشفه بعض الدراسات المحلية عن وجود عصابات دولية "تهربهم" نحو مجتمعنا بأعداد كبيرة، وهو الأمر الذي زاد السرقات ورفع معدلات الجريمة، وكثّر المتخلفين من العمالة الوافدة، وتكونت عصابات محلية خطيرة تشرف على التسول، وتخطف وتستغل الأطفال وذوي العاهات والمتخلفين عقلياً، وتزور السندات والصكوك والوثائق، وتمارس النصب والاحتيال، وتدفع صغار السن للانحراف وترويج المخدرات في المجتمع، ما رفع معدلات الجرائم الأخلاقية، ونشر ظاهرة استئجار المنازل المهجورة في الأحياء القديمة كمقرات لهم، وما يغلف كل تلك الممارسات من شبهات "الاتجار بالبشر" التي ألحقت وتلحق الأذى ببلادنا.
وفي مقابل كل تلك الآثار والمخاطر الجسيمة التي يتعرض لها مجتمعنا؛ فإن الأمر في مكاتب مكافحة التسول المختلفة التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، في هدوء تام، ويبدو أنهم آخر من يعلم. والأمر في إدارتها أسند لغير أهله، وأصبح يتولاه بيروقراطيون متقاعسون عن أداء عملهم.. ولعل ما يؤكد ذلك ما أعلنته الوزارة أخيراً على لسان مصدر مسؤول فيها، أكد فشل مكاتب مكافحة التسول في التصدي لظاهرة المتسولين، وعجزها عن القيام بعملها، وضعفها عن اتخاذ خطوات جدية للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة. بل إن المصدر المسؤول ذكر أنهم "لا يملكون إحصائيات دقيقة عن أعداد المتسولين، وبالتالي عدم قدرتهم على القبض على المتسولين ومكافحتهم بسبب ضعف الإمكانات البشرية والمادية في مكاتب مكافحة التسول" على حد وصفه. وكذلك ضعف أداء الجمعيات الخيرية التابعة للوزارة في مساعدة المحتاجين، وتقديمهم لمساعدات هزيلة لا تغني ولا تسمن من فقر وعوز وبطالة، رغم أن نسبة السعوديين في المتسولين المقبوض عليهم قليلة، ويمثلون 2 % في مقابل 98 % من غير السعوديين الذين يتخذون التسول حرفة رغم مخالفتهم لأنظمة الإقامة والعمل.
وعليه، فإننا نتوجه إلى معالي وزير الشؤون الاجتماعية، وهو المسؤول المباشر عن مكاتب مكافحة التسول، طارحين التساؤلات التالية:
- إن كانت الدراسات الحديثة يا معالي الوزير كشفت أن ظاهرة التسول في السعودية تشهد زيادة مستمرة وارتفاعاً مطرداً خلال السنوات الأخيرة بسبب تزايد المتسللين عبر الحدود، والتخلف بعد أداء الحج والعمرة، والظروف الاقتصادية؛ فأين معالجتكم العلمية لهذه الإشكالية التي تعد من صميم عمل الوزارة؟
- بعد أن ظهرت الآثار السلبية للتسول على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والأمنية للبلد.. متى نرى مكاتب مكافحة التسول المختلفة تمارس دورها الفاعل في الحد من ظاهرة التسول والمتسولين "المقلقة"، وما الإنجازات في هذا الجانب؟
- لماذا لم نعد نرى فرق مكافحة التسول في الأماكن العامة، مثل المراكز التجارية والمستشفيات والميادين والمساجد والشوارع العامة، وتقاطع الإشارات المرورية التي أصبحت أماكن مفضلة للمتسولين؟
- أين أنتم من المتسول السعودي المحتاج؟ ومتى تساعدونه وتتخذون بحقه الإجراءات التي نص عليها نظام مكافحة التسول؟
- أين ما أعلنتم عنه من أن الوزارة تملك الكثير من الخطط التي ستنفذها من خلال مكاتبها المتخصصة في مكافحة التسول؟
- وإن كانت الإحصائيات الرسمية يا معالي الوزير من خلال موقع الوزارة توضح أن السعوديين في آخر 8 سنوات يمثلون نسبة تراوح بين 13 و 21 %، فأين الجمعيات الخيرية من تقديم المساعدات الاجتماعية لهم؟
- متى توفرون الفرق الميدانية الكافية في متابعة ورصد الحالات في الأحياء والطرقات الرئيسة؟
- متى تفرغون العاملين في مجال المكافحة للعمل الميداني، وتوفرون لهم حوافز مادية مجزية؟
- أين توجيه الوزارة للمتسولين من ذوي العاهات والعجزة إلى دور الرعاية الاجتماعية للاستفادة من خدماتها، وإحالة المرضى إلى المستشفيات المتخصصة، حيث تقدم لهم الرعاية الصحية المناسبة دون مقابل؟
- أين اهتمامكم بالمحتاجين مادياً، وصرف المساعدات المالية من الضمان الاجتماعي أو الجمعيات الخيرية؟
- لماذا لا تعالجون أسباب عجز فروع مكاتب المتابعة الاجتماعية في مكة والطائف وجدة عن السيطرة على ظاهرة التسول المنتشرة هناك بكثرة؟
- وإلى أي مدى تعاني مكاتب مكافحة التسول من قلة الاعتماد المالي، الذي لا يتناسب مع حجم المهمة الموكلة إليها؟
- متى تزيدون "سيارات" المكاتب في المناطق والمدن التي ينشط فيها المتسولون؟
- ولماذا تُتهمون بالتقصير في توعية الجمهور من مواطنين ومقيمين عبر وسائل الإعلام بخطورة التعاطف مع المتسولين وتقديم المال لهم؟
- لماذا لا يتم التنسيق مع وزارتي الخارجية والداخلية لإعداد خطة مكافحة التسول في السعودية في ظل وجود العدد الأكبر من المتسولين من دول أجنبية؟
- متى تنسقون مع الجهات الشرعية لتوضيح الأمور الشرعية وأضرار التسول، حتى لا يتعاطف أحد مع المتسولين والمتسولات؟
- وإن كان المتسولون الأجانب يشكلون الجزء الأكبر.. فلماذا لا تعد خطة عمل مع الجهات المعنية لترحيلهم إلى بلادهم ووضعهم في القائمة السوداء؟
- أين أرقام هواتفكم وعناوينكم، ومواعيد عمل مكاتب مكافحة التسول للإبلاغ عن الحالات التي ترصد، وتقديم المقترحات؟
إننا يا معالي الوزير نقدر ما تقومون به.. إلا أن تزايد التسول والمتسولين طوال العام، وفي مواسم الحج والعمرة والأماكن المقدسة والمدن الرئيسة، يجعلنا نطالب بتنظيم حملات ميدانية بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية، للقبض على المتسولين من صغار وكبار ونساء ورجال، وترحيل الأجانب وفق خطط استراتيجية تمنع عودتهم من جديد، ودراسة الحالة الاجتماعية للمتسولين المواطنين لمعرفة حاجتهم للمساعدة، وتحويلهم للضمان الاجتماعي أو للجمعيات الخيرية، لتوفير وسد حاجاتهم ومنعهم من ممارسة "حرفة" التسول والكسب غير المشروع الذي جعل منهم شريحة متخاذلة عن العمل من مختلف الفئات العمرية، وكون عصابات تسول أجنبية ومحلية تنتشر في الجوامع والمراكز التجارية والميادين، دون حسيب ولا رقيب.. ما أضر كثيراً بنا اجتماعياً، واقتصادياً وأمنياً، وشوه صورة بلادنا وأعطى شعوراً زائفاً بكثرة المتسولين السعوديين. فمتى يا معالي الوزير تتخذون الإجراءات الفاعلة لتطبيق مكافحة ظاهرة التسول التي تفشت بتداعياتها السيئة بشكل أساء لسمعة المملكة ومواطنيها؟ ومتى تسند الأمور لذوي التخصص والكفاءات الإدارية المخلصة؟