أثار شريط فيديو تم بثه على موقع "يوتيوب" الكثير من الجدل في الساحة المصرية، بعدما رفض الداعية المصري الشيخ محمود عامر، محاكمة الرئيس السابق محمد حسني مبارك، معتبراً أنها إهانة للشعب المصري والرئيس السابق، ومجيزاً في الوقت نفسه بيع الغاز لإسرائيل، ومعتبراً أن ثوار 25 يناير خوارج على السلطان. وفي شريطه الذي بُث يوم 2 أغسطس قال عامر رئيس جمعية أنصار السنة في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة: إن لديه أدلة شرعية على عدم جواز محاكمة مبارك، لأنه أحد أبطال حرب أكتوبر التي أعادت الكرامة لمصر، كما أنه كان "سلطان" مصر، ولا يجوز أن يُهان أو يحاكمه أحد. ووجّه الشيخ اتهاماً ضمنياً للشعب المصري بالتنكر لفضل ومنجزات رؤسائه، فهم (المصريون) قتلوا السادات صاحب نصر أكتوبر، والآن يحاكمون مبارك أحد قادة النصر مع السادات. واعتبر الشيخ عامر أن إسقاط مبارك، أو "الإمام" كما وصفه، غير شرعي، لأن الإسلام لا يجيز الخروج على "السلطان" أو الحاكم، ولا يجيز الثورات أو خلع الحاكم إلا في حالتين، هما منع الناس من الصلاة، أو الردة عن الإسلام. ووفقاً لهذا الرأي، فإن من قُتلوا في ثورة يناير من المصريين هم "شهداء وهميون"، حيث لم يُقتلوا في حرب ضد العدو، ما يعني حسب رأي الشيخ أنه لا تجوز محاكمة مبارك بسبب قتلهم. وفنّد عامر التهم الموجهة إلى مبارك، وهي قتل الثوار، والكسب غير المشروع، وبيع الغاز لإسرائيل، واحدة تلو الأخرى، وقال: إنه لا يوجد لها أي دليل أو سند شرعي. وقال عامر: إن المصريين لم يحاكموا المسؤول عن هزيمة 67، الذي تسبب في قتل 100 ألف جندي مصري في الحرب، لكنهم قتلوا السادات الذي حارب وانتصر في أكتوبر، والآن يحاكمون مبارك شريكه في صنع النصر. وقال الشيخ: إنه لا يجوز التشنيع بقادة حرب أكتوبر 73، فهذه الحرب تمثل قيمة كبيرة في التاريخ المصري والعربي والإسلامي، لأنها جاءت بعد ذل وانكسار. بل ذهب للقول بأنه "لو أن جندياً أطلق طلقة واحدة على يهودي في الحرب لجعلنا له خصوصية، فكيف الحال بمبارك قائد القوات الجوية في تلك الحرب، وقائد الكلية الجوية الذي درّب وأعد الطيارين المصريين لتلك الحرب؟". واتهم عامر ضمناً المصريين بالتنكر لمعروف رؤسائهم، وأنه شخصياً لو وجد دولة عربية أو إسلامية تقبل لجوءه، فسوف يذهب إليها، ويترك هذا المجتمع بعدما وصل إليه، وقال: إن ما يحدث الآن من محاكمة، وإهانة لمصر "ليس غريباً على الشعب المصري، الذي قتل السادات، ويمجد عبد الناصر المسؤول عن الهزيمة". وقال عامر: إنه لا يجوز أيضاً محاكمة مبارك على تصدير الغاز لإسرائيل من الناحية الشرعية، فهي دولة بيننا وبينها عهد، وعليه يجوز التعامل معها بيعاً وشراء، مستدلاً بتفاوض الرسول "صلى الله عليه وسلم" مع قبيلة غطفان خلال غزوة الخندق. وفي معرض سرده للأدلة الشرعية على جواز التعامل مع إسرائيل، استشهد برأي للشيخ يوسف القرضاوي، الذي وصفه بأنه "شيخ الخوارج" في العصر الحالي. وقال عامر: إن المصريين أهانوا سوزان، زوجة مبارك، وزوجات نجليه علاء وجمال، وهن مسلمات بنات مسلمين، بينما لم يهينوا "كاميليا الصليبية"، حسب وصفه، في إشارة إلى كاميليا شحاتة التي كان قد تردد أنها أسلمت وأن الكنسية احتجزتها، ما تسبب في أزمة عنيفة بين المسلمين والنصارى في مصر. واتهم الشيخ من خاضوا في عرض مبارك، بأنهم منافقون ويبغون رضا الناس وسخط الله. وختم بالتأكيد على أن المحاكمة إهانة لمبارك وشعب مصر، محذراً المصريين من مصير العراق بعد صدام حسين، ومستشهداً بحديث "من أهان السلطان أهانه الله". وسبق لعامر أن أثار ضجة قبل الثورة وقبل تنحي مبارك بفتوى أباح فيها دم الدكتور محمد البرادعي، الناشط السياسي والمرشح المحتمل للرئاسة. ورد أنصار البرادعي بأنه عميل لجهاز أمن الدولة المنحل، وهي اتهامات نفاها عامر، وقال إنه لا تربطه صلة من أي نوع بأمن الدولة أو بالسلطة، وأنه يتحرك من منطلق كونه مواطناً مصرياً. وفي معرض رده على الشيخ محمود عامر، قال المحامى والناشط السياسي منتصر الزيات، في مقابلة هاتفية مع برنامج "الحياة اليوم" على فضائية "الحياة" مساء السبت: إن هناك ألف سبب وسبب يجعلنا نحاكم هذا الرئيس، وأضاف الزيات: "إن بيع الغاز لإسرائيل أقل من سعره العالمي خيانة للشعب المصري وسرقة لثرواته، وهذا الرجل هو الذي أعطى الأوامر بقتل واعتقال الآلاف من أبناء هذا الشعب".