أكد صندوق النقد الدولي أن المملكة العربية السعودية من أفضل الدول أداءً بين مجموعة العشرين في السنوات الأخيرة، مبيناً أنها دعمت الاقتصاد العالمي من خلال دورها المساند لاستقرار سوق النفط العالمية، مع الإشارة إلى إيجابية الآفاق المنتظرة للاقتصاد السعودي الذي حقق نمواً بمعدل 5.1 في المائة في عام 2013م، والتأكيد على أهمية استمرار الإصلاحات في الفترة المقبلة بهدف الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي ومعالجة التحديات الديموغرافية. جاء ذلك في بيان صحفي أصدره الصندوق عن نتائج مناقشة المجلس التنفيذي للصندوق للتقرير الذي أعده موظفو الصندوق بعد إجراء سلسلة من اللقاءات مع عدد من المسؤولين في المملكة العربية السعودية تتعلق بمشاورات المادة الرابعة مع المملكة للعام الحالي 2013م التي يجريها الصندوق مع البلدان الأعضاء، متضمناً التنويه بالمستوى الذي تتميز به المملكة.
وأفاد التقرير أن الاقتصاد السعودي حقق نمواً بمعدل 5.1 في المائة في عام 2013م، مستفيداً من ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنتاج والنمو القوي في القطاع الخاص والإنفاق الحكومي وذلك أدى إلى تحقيق فوائض كبيرة في المالية العامة والحساب الجاري للمملكة، كما استمر ارتفاع الاحتياطيات الدولية.
وأكد التقرير أن نمو الائتمان في المملكة لا يزال قوياً والجهاز المصرفي يتمتع فيها بمستوى جيد من رأس المال والربحية مع البدء في تطبيق (معايير بازل 3 لرأس المال) في يناير 2013م، حيث إن المملكة من أوائل الدول التي طبقت هذه المعايير، مشيراً إلى اعتماد منهج توسعي للمالية العامة بالمملكة في عام 2011م وتباطؤ في نمو الإنفاق الحكومي في عام 2012م مع بدء التحسن في العجز غير النفطي، وأن ذلك تحقق تمشياً مع نظام سعر الصرف الثابت مقابل الدولار فيما ظلت ركائز السياسة النقدية دون تغيير.
ولفت التقرير النظر إلى أن "الفترة المقبلة من المتوقع أن تشهد تباطؤاً في وتيرة النمو إلى 4 في المائة في عام 2013م، فيما سيحقق القطاع الخاص نمواً قوياً، لكن المرجح أن يكون إنتاج النفط أقل من مستويات عام 2012م، مع احتمال تباطؤ وتيرة الإنفاق الحكومي".
كما أشار إلى ارتفاع التضخم عن العام الماضي ليصل إلى 3.8 في المائة في مايو 2013م مدفوعاً بارتفاع أسعار الغذاء وتكاليف الإسكان، إلا أنه توقع أن ينخفض قرب نهاية العام تمشياً مع تراجع أسعار الغذاء الدولية، كما يتوقع انخفاض أسعار النفط ومستويات الإنتاج، مبيناً أنه من المنتظر أن تتقلص فوائض المالية العامة والحساب الجاري لهذا العام وإن كانت مستوياتها ستظل مرتفعة.
وأوضح التقرير أن المديرين التنفيذيين للصندوق اتفقوا على ملاءمة الركائز التي تستند إليها المالية العامة والسياسات الاحترازية الكلية، مؤكدين أنه يتعين خفض مستوى الإنفاق الرأسمالي (و/ أو) تشديد سياسات السلامة الاحترازية الكلية إذا ما ظهرت بوادر للضغوط التضخمية مع توقع انخفاض عجز المالية العامة غير النفطي على المدى المتوسط مع تناقص الإنفاق على البنية التحتية إلاّ أنه سيتعين اتخاذ تدابير إضافية لتدعيم مركز المالية العامة.
كما رحب المديرون التنفيذيون بالتدابير التي اتخذتها الحكومة لتعزيز إدارة المالية العامة، لا فتين النظر إلى إمكانية إدخال تحسينات في هذا المجال، مع التحول إلى إطار للميزانية يغطي المدى المتوسط على أن يجمع تحت مظلته الخطط الخمسية للتنمية الوطنية ويحدد اعتمادات الإنفاق بناءً على تقديرات سعر النفط في الأجل الطويل، مع الإشارة إلى أن زيادة أسعار الطاقة سيساعد على كبح نمو الطلب عليها، وستمكن رجال الأعمال والأسر من التكيف مع التعديلات الجديدة إذا تم تنفيذها على مراحل وروعي فيها القدر الكافي من الإفصاح العام.
ورحب المديرون التنفيذيون بالخطوات المستمرة لدعم التطور المالي وتعزيز التنظيم والرقابة الماليين متفقين على ملاءمة نظام سعر الصرف الثابت مقابل الدولار، فيما رأى عدد قليل منهم أنه سيكون من المفيد اتخاذ خطوات لتيسير التحول إلى تطبيق نظام لسعر الصرف المرن إذا ما أصبح ملائماً في مرحلة لاحقة مع تطور هيكل الاقتصاد، فيما قال المديرون: "إنهم يتطلعون إلى إصدار نظام مكافحة تمويل الإرهاب ".
وذكر المديرون التنفيذيون أن السكان السعوديين صغار السن الذين تتزايد أعمارهم بسرعة يمثلون فرصة وتحدياً في نفس الوقت أمام جهود زيادة النمو ورفع مستويات المعيشة، موضحين أن مستوياتهم التعليمية في ارتفاع مستمر وأن الحكومة تواصل تنفيذ مبادرات دعم توظيف المواطنين، فيما يجري تدعيم سوق الإسكان، وتطوير البنية التحتية، وتشجيع قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي ستساعد على معالجة التحديات الراهنة.
ورحب المديرون التنفيذيون بالاستثمارات الكبيرة الموجهة للتعليم بغية النهوض بمهارات السكان مشيرين إلى ضرورة مراقبة هذا الإنفاق في ضوء تحقيق النتائج المرجوة، منبهين في الوقت ذاته إلى أن تنفيذ سياسات سوق العمل لدعم توظيف المواطنين ينبغي تنسيقه بشكل دقيق مع سياسات الاقتصاد الكلي.
وأشاروا إلى ما تحقق من تقدم كبير في تحسين الإحصاءات الاقتصادية وإمكانية إدخال المزيد من التحسينات في هذا المجال، مؤكدين أهمية الاشتراك في "المعيار الخاص لنشر البيانات".