التقى وزير العدل الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، اليوم، قيادات قضائية وبرلمانية وحقوقية في الاتحاد الأوروبي، وذلك أثناء زيارته إلى "محكمة العدل الأوروبية" في لكسمبورج التي تمثل رأس هرم قضاء الاتحاد الأوروبي. وتناولت الزيارة، ضمن وفد رفيع المستوى يضم قضاة وحقوقيين وأكاديميين، محور التواصل الدولي لمشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء، لاستطلاع التجارب الإجرائية دولياً، وإعطاء الصورة الذهنية الصحيحة للعدالة الشرعية للمملكة، التي تأسست على تحكيم الشريعة الإسلامية، وفتح العديد من الحوارات والمناقشات مع قادة العدالة والحقوق والرأي في الاتحاد الأوربي.
وفي مستهل الزيارة تجول وزير العدل في أروقة محكمة العدل الأوربية، وزار قاعة المرافعات الرئيسية، وقاعة الاجتماعات، وقاعة القضاة، ومكتبة المحكمة، واستمع إلى شرح من مدير عام البنى التحتية عن سير العمل.
وعقد الوزير ورئيس محكمة العدل الأوروبية فاسيليوس سكورس ومساعديه والمدعي العام اجتماعاً ثنائيّاً، جرى خلاله مناقشة عدد من الموضوعات المتعلقة بأحدث المفاهيم الإجرائية في شؤون العدالة.
وأبان معالي وزير العدل في تصريح صحفي عقب الاجتماع أنه استطلع إجراءات المحكمة والأنظمة التي تحكمها، واختصاصاتها. وأضاف: اطلعنا على أسلوب العمل وتدارسنا بعض الجوانب الإجرائية، واستمعنا إلى شرحهم للمبادئ القضائية التي تسير عليها المحكمة في التفسير القضائي للنصوص النظامية، ومدى استطاعة قضاة المحكمة تجاوز تنوع المدارس القضائية لديهم، وصار حول هذا نقاش مستفيض، وبينا لهم وجهة نظرنا في العديد من الموضوعات المثارة.
من جانب آخر قام وزير العدل والوفد المرافق له اليوم بزيارة لمجلس النواب بلكسمبورج حيث عقد اجتماعاً مع رئيس المجلس ليورنت موسار، بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة بلجيكا ودوقية لكسمبورغ رئيس بعثة المملكة لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل فيصل بن حسن طراد.
وأطلع الوزير رئيس المجلس على التحديثات الإجرائية والتطويرية في قضاء المملكة ومنها توسيع قاعدة التخصص النوعي في المحاكم مشيراً إلى أن هناك محاكم عامة وجزائية وتجارية وأحوال شخصية وعمّالية، مع إمكانية زيادتها عند الحاجة، وتحدث عن إيجاد محكمة عليا مستقلة بعد فصلها عن اختصاص المجلس الأعلى للقضاء.
وبين أن رقابة التفتيش القضائي على أعمال أعضاء السلك القضائي لا تتدخل في الأحكام القضائية وإنما تقيم الأداء الفني للعمل والاطمئنان على حسن سير الإجراءات وانتظام العمل وفق القياسات المطلوبة لدى التفتيش القضائي، مع قيام التفتيش بإسناد القضاء بالإرشادات والنصائح المعينة على جودة الإنجاز وسرعته دون الدخول في الجوانب الموضوعية للعمل القضائي.
وذكر أن هذا ينحصر تحديداً في اختصاص محاكم الاستئناف كدرجة ثانية والمحكمة العليا كدرجة تقاض ثالثة ملزمة في بعض القضايا الجنائية المسماة في النظام، وكجهة إشراف وتعقيب قضائي في عموم القضايا وذلك عند الطعن أمامها، وكان رئيس مجلس النواب تباحث مع الوزير العيسى في العديد من الإجراءات القضائية المعمول بها في المملكة.
وشرح كيف أن القضاء في المملكة خطى خطوات نوعية في التحول إلى القضاء الإلكتروني حيث تم تحويل عموم إجراءات المحاكم في المملكة إلى أحدث النظم الإلكترونية، مستعرضاً في حديثه الجوانب التقنية التي تقدمها الوزارة للمستفيدين من خدمات العدالة عبر بوابتها الإلكترونية.
وأفاد بأن الوزارة تعمل على استراتيجية الحد من بطء التقاضي الذي يعد معضلة دولية ونجد كل من التقينا به خاصة من الحقوقيين يناقش هذه الإشكالية العالمية.
وقال الوزير في إيضاحه التالي للقاء: انتهجت الوزارة في هذا خيار تفعيل البدائل الشرعية للتقاضي وهي الصلح والتحكيم، موضحاً صدور تنظيم مركز المصالحة الذي أتاح للوزارة إيجاد قاعدة مؤسسية للانطلاق نحو تعزيز هذا الخيار الشرعي بدعم حكومي كبير، مع تأكيد أهمية أن يعتمد القضاء وثيقة الصلح حتى لا تنطوي على ممارسة مخلة بقواعد العدالة إذ من مهمة القضاء حماية الأفراد والمؤسسات من أي ممارسة قد تدخل في حيز الإجحاف أو ممارسة الضغوط تجاه أي من أطراف القضية أو إعطاء معلومات غير صحيحة من شأنها حمل أي منهم على خيار الصلح.
وأردف: إن الخيار الثاني وهو المتعلق بالتحكيم مهم كذلك ولأهميته جرى تعديل نظام التحكيم بنظام جديد وهو ما فتح المجال لهذا الخيار الشرعي بشكل أوسع وأرحب متلافياً بعض الثغرات في النظام الأول.
وتابع الوزير: التحكيم خيار إسلامي مهم يعبر في توصيفه الشرعي والنظامي عن الإرادة الحرة في اختيار ناظري القضية تحكيماً، ويحافظ على خصوصيتها وسريتها في دائرة ضيقة، ويتجاوز طول الإجراءات المعتادة في كافة أنظمة السلطة القضائية وإجراءات مرافعاتها في عموم الدول وهو ما يؤكده كافة الحقوقيين.
كما زار وزير العدل والوفد المرافق له المحكمة العليا بلكسمبورغ وعقد اجتماعاً مع رئيس المحكمة نيسين، تناولا خلاله عدداً من الموضوعات التي تهم البلدين في المجال العدلي حيث استعرض الجانبان الإجراءات القضائية واختصاصها النوعي ونموذج القضاء الموحد والقضاء المزدوج.