أشاد موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بالمنتخب السعودي الأول لكرة القدم، واعتبره من أهم الأعمدة الأساسية في القارة الأسيوية، مؤكداً أن الأخضر بات بحاجة إلى تغيير كبير، مشيداً بانتصاره الأخير أمام الصين، وجاء في الموقع: "يعتبر منتخب السعودية أحد أهم الأعمدة الرئيسية في تشكيل موازين القوى الكروية في القارة الأسيوية؛ ذلك أنه حاز على لقب كأس أسيا في ثلاث مناسبات من قبل، وتواجد في النهائي خمس مرات خلال النسخ الثمانية الأخيرة، أضف إلى ذلك أنه كسب حق تمثيل القارة الصفراء في كأس العالم، خلال أربع نسخ متتالية منذ أمريكا 1994 وحتى ألمانيا 2006. ومن هنا يؤكد التاريخ على أن (الأخضر) أحد النكهات التي تميز كل المنافسات القارية". تراجع مقلق: على الرغم مما يمتلكه المنتخب السعودي من تاريخ كبير واسم قد "ترتعد" أمامه أقوى المنتخبات، لكن هذا "الإرث" دخل مرحلة "الخطر"، حين بدأ الفريق بالتراجع عن أدوار المقدمة التي تعوّد عليها، فمنذ أن بلغ نهائي كأس أسيا 2007 والذي خسره لمصلحة العراق.
كان لابد له أن يتخلص من "جرح" الهزيمة ويلملم نفسه وينطلق نحو هدف جديد.
ولكن ما حصل كان غير ذلك، حيث دخل "الأخضر" حملة التصفيات المؤهلة لكأس العالم جنوب إفريقيا 2010، وفرط بفرص التأهل في الدور الحاسم، واحتل المركز الثالث في مجموعته الثانية بالدور النهائي خلف الكوريتين (الجنوبية والشمالية)، وبات عليه دخول المرحلة الملحق، فتواجه مع البحرين في ملحق أسيا، وتعادل ذهاباً بدون أهداف، وكان في طريق الفوز إياباً عندما تقدم 2-1 في اللحظة الحاسمة، لكنه سمح بالتعادل باللحظة القاتلة، وفقد فرصة اللعب مع نيوزيلندا. أثرت تلك المباراة بشكل لم يسبق له مثيل على أدائه ونتائجه في المرحلة التالية، حيث كان الجميع ينتظر عودة "الأخضر" في نهائيات كأس أسيا الدوحة 2011، ولكن هناك حدث ما لم يكن بحسبان أشد المتشائمين، حيث تعرض لثلاث هزائم تاريخية في الدور الأول أمام سوريا 1-2 والأردن 0-1 واليابان 0-5؛ ليودع من الدور الأول وسط حالة من الذهول. وبعد فترة من الانتظار جاء التعاقد مع الهولندي فرانك ريكارد على أمل أن ينهض بالفريق ويعود به بسرعة لمربع الصف الأول. وجاءت تصفيات كأس العالم البرازيل 2014 لتبدد كل الآمال المعقودة، وتواصل "مسلسل الإخفاقات" بالخروج من دور المجموعات للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، بعد أن جمع الفريق 6 نقاط فقط من فوز وتعادل في مجموعة رابعة تواجد فيها أستراليا وعمان وتايلاند. وما زاد "الطين بلة" خروج المنتخب من منافسات كأس الخليج ال21 في البحرين من الدور الأول، بعد أن كان قد خسر نهائي النسخة السابقة أمام الكويت. رياح التغيير: بعد كل تلك السلسلة من الإخفاقات التي لم يألفها المنتخب ولا عشاقه الكثر في المملكة، كان لابد من "هبوب" رياح التغيير وبالسرعة القصوى، فاتخذ الاتحاد السعودي قراراً مهماً و"منتظراً" من الكثيرين بإقالة ريكارد، والجيد في الأمر أن إيجاد البديل لم يأخذ أي وقت، حيث تم الاتفاق مع الإسباني لوبيز كارو (المستشار الفني للاتحاد) بعقد مدته ثلاث سنوات، وبالتالي هو الأقدر على الانخراط بالسرعة المطلوبة مع الفترة الزمنية القصيرة التي تفصل السعودي عن خط انطلاق تصفيات كأس أسيا 2015. بدأ كارو مهمته وبدأ هو الآخر بإجراء العديد من التغييرات على الفريق، حيث قام باستدعاء عناصر جديدة على آخر تشكيلة، وفقاً لرؤيته الفنية في مقدمتها نايف هزازي الذي أثار إبعاده عن تشكيلة كأس الخليج جدلاً واضحاً، إضافة لنجم وسط الأهلي مصطفى بصاص، واستبعد بالضرورة بعض العناصر، كان على رأسها قائد الفريق وهدافه العائد من الاعتزال الدولي قبيل كأس الخليج ياسر القحطاني وعملاق خط الدفاع أسامة المولد. يلخص كارو ذلك بقوله: "اخترت القائمة الأقدر من وجهة نظري على منازلة الصين، فقد درسنا المنافس جيداً، ونريد وضع الحلول لمواجهته بشكل يضمن لنا الفوز. هذه الاختيارات ليست نهائية أو دائمة، فباب المنتخب مفتوح أمام الجميع". استجماع القوى: ما جرى خارج الملعب قبيل مباراة افتتاح التصفيات لن يكون ذو أهمية بالنسبة للجماهير السعودية، بل إن ما سيقدمه "الأخضر" فوق أرضية ملعب الدمام هو ما ينتظر استكشافه. حانت لحظة الحسم، وبالنسبة للجميع يجب أن تكتمل معادلة الأداء والنتيجة لكي تدخل الطمأنينة، فهما المؤشر الحقيقي على قدرة الفريق للمضي قدماً في التصفيات خصوصاً مع تواجد العراق في المجموعة. في مواجهة الصين اعتمد كارو على أسلوب جديد لم يألفه الكثيرون، فقد اختار عدم تثبيت صانع للعب، ومنح الحرية لثنائي النادي الأهلي تيسير الجاسم ومصطفى بصاص للتحرك بحرية في عمق الملعب الصيني، ومنح فهد المولد وسلمان الفرج دوراً هجومياً من الأطراف، وترك "الزلزال" ناصر الشمراني في مركز رأس الحربة. في المقابل كثف من القدرات الدفاعية بتثبيت سعود كريري أمام قلبي الدفاع وقنن من الطلعات الهجومية للظهيرين البيشي والموسى.
حقاً تغير الشكل العام للأداء السعودي، ظهرت معالم واضحة في الهجوم، وطغى الأداء الجماعي، وبدا الجميع بقلب رجل واحد، فقد كانت هناك رغبة في "التغيير" من قبل اللاعبين أنفسهم، ولذلك لم يكن صعباً توجيه الضغط نحو المرمى الصيني ولا صناعة فرص التهديد ولا التسجيل، فكانت قصة الأول "هدفاً" مميزة من تمريرة ذكية من بصاص إلى المولد "الفهد" الذي هزم الحارس "بحرفنة". صحيح أن الدفاع اهتز في بعض اللحظات بعد ذلك وقبل وليد عبدالله هدف التعادل، لكن ذلك لم يؤثر كثيراً طالما أن الهدف الصيني بقي وحيداً، وأن الوقت متاح لتعديل الأخطاء.
كشف كارو عما فعله عقب اللقاء "لم نعتمد على الدفاع، بل وظفنا اللاعبين لمقاومة القدرات البدنية والهوائية الصينية. في المقابل كان الهجوم مؤثراً، ونجحنا في استغلال نقاط الضعف الدفاعية لديهم، وذلك بفض العمل الجماعي من اللاعبين. الفوز سيدفعنا للعمل بجهد كبير". عودة مظفرة للهداف: لم تكن عودة نايف هزازي أحد أبرع المهاجمين في السعودية خلال السنوات الماضية وأكفأهم في القدرات الهوائية داخل منطقة الجزاء، لم تكن عادية "البتة"؛ فقد أخذ نايف مكانه في الدقائق الحاسمة من اللقاء، النتيجة تشير إلى التعادل، وما هو مطلوب منه استعادة تألقه ومنح المنتخب الوطني الفوز المنتظر. وكما يكون دائماً فقد كان على الموعد، تمركز داخل المنطقة، وانتظر تلك الكرة العرضية التي عكسها المولد، ورغم صعوبة الموقف والكثافة الدفاعية الصينية، عرف نايف كيف يقتنص الكرة ب"لمحة عين"، ويضعها بعيداً عن الحارس. هز "الهزازي" الشباك بالهدف الكبير والمدرجات فرحاً، وأطلق العنان له ولزملائه للقبض على النقاط الثلاث التي قد تعني الكثير في مستقبل عودة "العملاق" السعودي للواجهة الأسيوية.