افتتح وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ، أمس الخميس بقاعة نيارة بمدينة الرياض , فعاليات ندوة : (ماذا يريد الأبناء من الآباء؟)، التي نظمتها "مؤسسة ديوان المسلم" بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ، واستمرت يوماً واحداً . وألقى الشيخ ناصر بن سليمان العمر المشرف العام على مؤسسة المسلم ورئيس لجنة الإشراف على الندوة كلمة رحب فيها باسم أعضاء مؤسسة ديوان المسلم وباسمه بهذا الجمع المبارك ، وقال : إن حسن العلاقة بين الأبوين وأولادهما من أهم الركائز التي يقوم عليها استقرار الأسرة والمجتمع والدولة ، لقد كان مجتمعنا يقدم صورة رائعة لتلك العلاقة خلال عقود مضت ، نظراً للتربي على وحدة مصدر التلقي من الكتاب والسنة وفق منهج وفهم سلف الأمة، مع قوة الحماية من الثقافات الوافدة الغريبة على مجتمعنا المسلم المحافظ، فنعم الوطن بأمن وأمان، وسلامة وإسلام، ومن أقوى أسس تلك القوة هو استقرار الأسرة، وندرة المشكلات البيتية والعائلية. وأشار العمر إلى أنه مع الانفتاح العالمي، وهبوب أعاصير المؤثرات الغريبة عبر وسائل الإعلام الأممية، وتسمم الأجواء بثقافات وافدة، نشأت مشكلات عدة، ومعضلات متعددة، ومن تلك البواقع ما يمس العلاقة بين الأبوين والأبناء وذلك بعدم فهم بعضهم لبعض، وفقد آليات الحوار والإقناع عند التنازع حول الرغبات المتبادلة ، فظهر اختلال في بعض الأسر بسبب تلك الأزمة، (وإن لم تكن في مستوى الظاهرة والحمد لله)، لكنها موجودة ومؤثرة، وترتب على ذلك مفاسد لا تنكر، وأصبح بعض الأبناء لا ينظر إلى أبيه نظرة تأثر وقدوة وتلقي ، فاستغل الأعداء والخصوم والمتربصون هذه الثغرات ، وتمكنوا من صياغة عقول بعض أبنائنا بعيداً عن المنهج السوي الذي تربى عليه آباؤهم فنشأ لدينا شباب ركبوا موجة الإفراط أو التفريط، والغلو أو الجفاء مما هو غريب على مجتمعنا وأمتنا. وأضاف أنه ترتب على ذلك تصرفات سلبية مضرة داخل الأسرة والمجتمع والوطن، بعيدة عن منهج الوسطية والاعتدال والإستقامة الذي تربى عليه مجتمعنا وفق المنهج القرآني { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً }. وأوضح الشيخ ناصر العمر أن "مؤسسة ديوان المسلم" عندما تشرفت بإقامة هذه الندوة بتوجيه من صاحب الفكرة وراعيها معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ ، فإنها تساهم مساهمة إيجابية في دراسة مثل هذه السلوكيات قبل استفحالها، ومن ثم صعوبة السيطرة عليها، كما حدث في مجتمعات مسلمة متعددة ، ولذا فإننا نأمل عبر هذا الجمع المبارك أن نخرج بنتائج عملية واقعية منهجية يفيد منها الآباء والأبناء، والمجتمع والأمة. عقب ذلك ألقيت كلمة الآباء ، ألقاها بالإنابة عنهم , عبدالعزيز بن إبراهيم الخريجي أبدى فيها توجيهه و نصائحه لابنه وما يؤمل فيه وما ينتظر منه . ثم ألقى كلمة الأبناء الشاب محمد السرحاني كلمة يعبر فيها عن وجهة نظر الأبناء ، ومما جاء فيها ( والدي الحبيب ... كان في ما مضى في زمانك : في كل عقد من الزمان يخرج جيل كما يقال ؛ متقارب التفكير والهموم والطباع؛ واليوم يا أبتاه تغير الحال : صدقني بأن في كل سنة يخرج جيل ولا تعجب إن قال غيري يخرج جيلين في السنة الواحدة بفضل ثورة الإتصالات والإعلام والمعلوماتية ومن يغفل عن متابعة عجلة الحياة شهرين؛ فسيكون من الجيل السابق؛ عليه أن يغير شيئاً من قناعاته؛ ليلحق بالجيل اللاحق وإلا سيكون من الجيل القديم ) . بعد ذلك ترجل وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ كلمة حمد الله تعالى فيها كثيراً على هذا الجمع المتنوع المتميز الذي يمثل نخبة مهمة من النخب الفاعلة في مجتمعنا اليوم ، النخبة الحادة في علاج المشكلات وإنماء الإيجابيات في هذا المجتمع الخيّر الذي يحتاج إلى دفعٍ في إيجابياته ومعالجة لسلبياته . وشكر معاليه الشيخ ناصر بن سليمان العمر المشرف العام على مؤسسة المسلم ورئيس لجنة الإشراف على الندوة على تنظيم هذه الندوة التي لم تأت من فراغ ، وإنما أتت لدلالات كثيرة ولمعاني عدّة . وقال :" لك منّي الشكر والثناء ظاهراً وفي الغيب ، لأنك ولا شك أثّرت في كثيرٍٍ من طلاب العلم في الاهتمام بالعلم النافع وسلوك طريقة أهل السنة والجماعة ، والسلف الصالح فيها" . وأكد على أن هذه الندوة: ( ماذا يريد الأبناء من الآباء ) لم تأت من فراغ ، إنها دلالة على أننا نحتاج في معالجاتنا وفيما نطرق إلى الاهتمام الفاعل بحاجات المجتمع الذي يبنى على حاجات الأسرة ، بل إن الأسرة إذا كانت مستقرة فإن الاستقرار يكون في نفس الأبوين ونفس الأبناء ثم في المجتمع نفسه ، ولم تخرج هذه الهنات والانحرافات التي نراها إلا من أثر غياب بعض الوعي ، أو لأمرٍ سبق في علم الله تعالى ، وكذلك ما خرجت تلك العقول النيّرة ، وتلك الإبداعات من أبناءنا الذين أصبحوا الآن في مقام الريادة إلا بفضل الله تعالى أولاً ثم برعايةٍ كريمةٍ للأسرة للأبوين وللمدرسة ولمن يهتم بالابن الصغير . وأوضح الشيخ صالح آل الشيخ أن هذه الندوة تعطينا مطلقاً في مدلولها إلى التعامل بواقعية مع كل ما نريد أن نتعامل معه ، وقال : لقد جاء الإسلام وبُعث محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - وأنزل القرآن ، وفي ذلك كله وجدنا من الآيات والسنة والتشريعات ما كان موصوفاً بأنه واقعيٌ ليعالج النفس البشرية وليرقى بها لأن تكون صالحةً مصلحة ويعالج ما قد يكون في النفس من نقصٍ أو انحراف ، لقد تميزت الشريعة في أحكامها سواءٌ في أحكام العبادات أم في المعاملات أم في شؤون الأسرة، فقد تميزت بأنها شريعةٌ تهتم بالواقع ولا تتعداه ، ولذلك لأن الخيالات التي لا تراعي النفس البشرية ومتقلباتها إنها لا تنجح في أي زمن كان ، وإذا كان الناس يتغيرون ، والأزمنة تختلف ، والنفوس تتنوع ، والآفاق تتوسع بما أراد الله - جل وعلا - في حكمته من ذلك كله ، فإن علينا أن نكون في مقام التجديد الجريء في معالجة المشكلات والحفاظ على الثوابت والأصول . وشدد معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على أن الأصل يجب أن يحافظ عليه بالعقيدة الصحيحة وتربية النشء عليها ، والاهتمام بالعبادات ، وتربية النشء عليها ، والحرص على ما اشتملت عليه أركان الإيمان وائتلاف القلوب على ذلك وعقد القلب على الإيمان بالله في أركانه الستة ، والاهتمام بأركان الإسلام الخمسة ، وبعض أمور الشرع وتفصيلاته الواجبة ، أو المستحبة الأخرى . وطالب من أولياء الأمور بأن يكونوا بواقعية وبعدٍ عن الخيال في تربية الأبناء ، وقال : إن الأب إن كان يروم من إبنه أن يكون على هيئة الأب فإنه قد يعسفه ثم قد يخسره ، وكل امرئٍ ميسّرٌ لما خلق له ، فلا تدري لأي شيءٍ خلق الله تعالى هذا الولد ، ثم إن الأب الناجح هو الذي يرى ما يتميز به هذا الولد ثم يسعى في تقويمه وتشجيعه على ما تميز فيه ، ناظراً في ذلك إلى الخدمة الكلية لأمة الإسلام ، إننا بحاجة إلى تعددٍ في النظرة ، وإلى تنوع في الدراسات ، حتى نكون في معطياتنا لما نبحث فيه ولما نناقشه أن نكون متنوعين دراسةً وأثراً ونتيجة ، لهذا كان من اللوازم أن نبتعد عن الانغلاق في معالجة المشكلات ، والانغلاق في النهضة بالإيجابيات . وأكد الشيخ صالح آل الشيخ أن مجتمع الإسلام وأمة الإسلام إذا كانت تريد نهضةً شاملة ًمتّزنةً آخذةً بالأصل والشرع ومراعيةً للعصر ، فإننا نحتاج إلى رؤيةٍ مستقبليةٍ راشدة . وقال معاليه : لهذا جاءت هذه الندوة لتشير إلى أننا قد نبحث ما هو غير مألوف ، لأن المألوف ماذا يريد الآباء من الأبناء ، وغير المألوف ماذا يريد الأبناء من الآباء ، ومن الإنصاف لأنفسنا أن نستمع لما يريد الأبناء منّا – والأبناء يشمل الولد والبنت - ، ثم نستمع ماذا يريد المجتمع منّا ، ومن الإنصاف أن نستمع إلى ما فينا من خير ، ونستمع إلى ما قد يكون فينا من نقص ، فنسدد النقص ونرعى جوانب الكمال حتى نكون مؤثرين صادقين منصفين . وكشف وزير الشؤون الإسلامية أن الوزارة ستنظم العام القادم مؤتمرا للمواقع الإسلامية على النت لتنسيق جهودها الدعوية. وعقب ذلك انطلقت جلسات الندوة الثلاث والتي تتمحور في كل جلسة بمحور, الجلسة الأولى – والتي حضرها معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد احتياجات الأبناء وأدارها د. عبدالمحسن السيف – أستاذ التربية بجامعة الملك سعود, وتشتمل على ورقتي عمل ، الأولى بعنوان : كيف نفهم أولادنا وتطلعاتهم ، وناقشها د. عبدالله بن سليمان الصالحي – أستاذ علم النفس بجامعة القصيم , والثانية بعنوان : كيف نتعامل مع احتياجات الأولاد ، وقدمها الدكتور علي بن عبدالرحمن الرومي – أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وبعد ذلك اتيح للحضور المداخلات في آخر الجلسة. أما الجلسة الثانية ، فبدأت بمحور ماذا يريد الأبناء؟ بورقة عمل واحدة وعرض مرئي وتعليقين ، وأدار الجلسة الدكتور محمد الدويش رئيس مجلس إدارة مؤسسة المربي , وتقدمت الدكتورة نورة السعد أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك عبدالعزيز بورقة العمل الوحيدة في هذا المحور بعنوان : لماذا يفشل الآباء في فهم احتياجات الأبناء , فيما طرح العرض المرئي استطلاعاً عاماً لبعض البنين والبنات , عقبه تعليق للأستاذة مريم الثمالي المحاضرة في قسم التربية بجامعة الإمام بن محمد بن سعود الإسلامية ثانياً, وانتهت هذه الجلسة بمداخلات الحضور.