قدمت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" قصصاً وحكايات للاجئين السوريين، من مخيم "الإصلاحية" الذي يقع على بعد 40 كم من الحدود السورية التركية ويضم 1770 خيمة ويسكنه نحو 8500 لاجئ سوري من وسط وشمال وغرب سوريا وأكثر من نصفهم من الأطفال. وهذا المخيم هو من بين 13 مخيماً أقامتها الدولة التركية والأعمال جارية لإقامة مزيدٍ من المخيمات بسبب استمرار تدفق اللاجئين السوريين الذين وصل عددهم إلى أكثر من 130 ألفاً. وأنفقت الدولة التركية عليها أكثر من أربعمائة مليون دولار حسب مسؤول الخارجية التركية في المخيم.
المخيم يقع في أرض سهلية وكان الموقع يضم معملاً للتبغ سابقاً. تنخفض درجة الحرارة في المنطقة إلى أربع درجات مئوية في الشتاء وتصل إلى 35 صيفاً.
ويبلغ متوسط عدد الأفراد في الخيمة الواحدة التي لا تبلغ مساحتها 15 متراً مربعاً ما بين 4 إلى خمسة أشخاص وفي بعض الحالات إلى أكثر من ذلك إذا كانت الأسرة كبيرة. وروى بعض سكان المخيم ل "بي بي سي" تجربتهم:
شيرين شيرين عمرها أقل من ثلاثين عاماً أم لطفلة في الرابعة وهي من قرى محافظة حماة الواقعة في وسط سوريا.
تقول شيرين عندما التقتها بي بي سي: زوجي عامل موسمي. شارك في المظاهرات في مدينة حماة، لكنه الآن معتقل منذ أواسط العام الماضي.
وتضيف شيرين: قبل أن أنزح إلى تركيا زرت زوجي في السجن مرتين بعد أن علمت أنه في سجن مدينة السويداء في جنوب سوريا.
ورداً على سؤال عما إذا كانت قد سمعت أخباره قالت: منذ ذلك الحين لا أعرف عن زوجي أي شيء.
فادي ومحمد فادي ومحمد شقيقان يعانيان مرض التوحد إضافة إلى أن فادي يعاني شللاً نصفياً أيضاً.
هربا من منطقة جبل الأكراد في محافظة اللاذقية الساحلية ولهما شقيق ثالث يقاتل في صفوف المعارضة في الداخل وكان موجوداً لدى زيارتنا للمخيم بعد أخذه إجازة من قائده للاطمئنان على أوضاع شقيقيه والعناية بهما.
ويقول أخوهما المقاتل: اضطررت إلى حمل أخي فادي لمسافة ثلاثة كيلومترات للوصول إلى الحدود التركية. وفي غيابي تتولى شقيقتنا المتزوجة واللاجئة في المخيم أيضاً رعايتهما.
سوسن ومريم ما إن دخلنا المخيم حتى استطاعت سوسن البالغة من العمر 10 سنوات أن تفتح حواراً معنا وتروي القصص المأساوية لعددٍ من ساكني المخيم.
سوسن إنها في الصف الخامس وتدرس في مدرسة المخيم. وعندما أخذتنا إلى خيمة أسرتها الكبيرة سألتها إن كانت مريم الصغيرة التي تحملها أختها قالت إنها ابنة جيرانها في المخيم.
تقول سوسن: تعرفت على مريم الصغيرة عندما وصل أهلها إلى المخيم من سوريا وتوجهت إليها ونشأت منذ الحين علاقة بيننا، ولا أستطيع أن أفارقها إلا عندما أذهب إلى المدرسة. أهتم بها مثل أمها تماماً على الرغم من أنني في العاشرة.
نظيرة لم نتحدث إليها وتركناها وهي شاردة وكل معالم وجهها تشي بالحزن والبؤس واليأس الذي تعجز الكلمات عن وصف حجمه.
قالت أمها: نحن من منطقة جبل الأكراد في الساحل وقد وصولنا إلى المخيم منذ أسبوعين فقط. ابنتي نظيرة أم لسبعة أطفال أصغرهم يبلغ من العمر سنة ونصف وأكبرهم عشر سنوات وهي مسؤولة عنهم، حيث إن زوجها يقاتل في الداخل في صفوف المعارضة.
محمد كان محمد سنة أولى في دراسة الطب- اختصاصي جراحة، في مدينة حلب، وشارك في المظاهرات ضد النظام.
يقول محمد: اضطررت في مرحلة لاحقة بعد المشاركة في المظاهرات إلى حمل السلاح لحماية نفسي.
ويضيف: كنت أحمل الحقيبة الطبية على ظهري والبندقية في يدي أثناء قيامي بمعالجة الجرحى في الاشتباكات بين قوات الحكومة والمعارضة في مدينة حلب وريفها. وأنا سعيدٌ بأني لم أطلق رصاصة واحدة.
تحدث محمد بإسهاب عن المشاكل الصحية والأمراض التي يعانيها اللاجئون، حيث ينتشر بينهم التهاب الكبد الوبائي بشكلٍ واسع وخصوصاً بين الأطفال.
ويقول: وصلت نسبة الإصابة في بعض الأسر إلى نصف أفرادها من الأطفال بسبب نقص النظافة وعدم وجود المرافق الصحية المناسبة، أحاول مساعدة المرضى قدر الإمكان على الرغم من أنني لا أستطيع القيام بالعمل كطبيب بل أعمل مدرساً في مدرسة المخيم.