يمثل بيت مكة في الجنادرية، العادات والتقاليد والقيم والفنون والحرف والمهارات وشتى المعارف الشعبية، التي أبدعها وصاغها سكان مكة عبر تجاربهم الطويلة على مر العصور، بعد أن توارثوها عفوياً جيلاً بعد جيل، وكونت ثقافات مميزة تربط الفرد بالجماعة وتصل حداثة الحاضر بأصالة الماضي. ويأتي "بيت مكة" ليعرف من خلال تصميمه الخارجي الذي نقلت أغلب أدواته من مكةالمكرمة، وليبرز حجم الجهد الذي بذلته أمانة العاصمة المقدسة على مدى أربعة أشهر متواصلة قبل إطلاق فعاليات المهرجان الوطني للجنادرية ال 26 من قبل خادم الحرمين الشريفين الأربعاء قبل الماضي، إذ تخلل فترة التجهيز عقد العديد من ورش العمل والتدريب، التي من خلالها تم تأهيل أكثر من 42 موظفاً للعمل في البيت خلال مدة إقامة فعالية المهرجان، تحت إشراف مدير عام الاستثمار في الأمانة المهندس هشام شلي، ورئيس فريق التشغيل في بيت مكة في الجنادرية. ويعتمد "بيت مكة" الذي يشرف عليه مدير إدارة الاحتفالات في أمانة العاصمة المقدسة المهندس رائد مؤمنة، في إرشاده للزوار على أحدث التقنيات في مجال الإرشاد السياحي، إذ وفرت كافة المستلزمات التي يمكن من خلالها تعريف الزائر بمحتويات البيت باللغتين العربية والإنجليزية، كما تم تزويد الزوار بنشرات تعريفية متعددة لنقل الصورة الحقيقية عن سكان مكة منذ العصر القديم وحتى العصر الحالي. وبني بيت مكة في الجنادرية بشكل مماثل لما كانت عليه تلك البيوت منذ القرن ال 14 للهجرة، التي كانت في ذلك الحين تعتمد في بنائها على الحجر والنورة، إذ إن الزائر عند دخوله إلى البيت الذي تحلى بالرواشين المزخرفة من الخارج لن يشاهد مجرد متحف، بل إنه سيستشعر الأجواء التي كان يعيشها سكان ذلك الزمن، حيث المؤثرات الصوتية التي تم تزويد البيت بها، وتجعل الزائر يعيش وسط أجواء أسرة مكية من الزمن الماضي. وتمكن الزوار لبيت مكة الذي تشرف عليه أمانة العاصمة المقدسة، من التعرف على معظم العادات والتقاليد التي توارثتها الأجيال عبر العصور، كالشعبنة التي تقام في الأيام الأخيرة من شهر شعبان، ولعبة المزمار وهي لعبة الفن والتراث والرياضة والحماس والرجولة والشهامة، التي لا تَكسُّر فيها ولا مجون، معبرة عن تراث لإظهار الفرح والسرور. كما تعرفوا على المجس الحجازي، الذي يعد من وسائل التسلية في الأسمار والمناسبات "الغناء" ويسمون المغني فيه بالجسيس. وتعرف الزوار لبيت مكة على وسائل التسلية عند الصغار في مكة قديماً، ك "لعبة كرة القدم ولعبة البرجون ولعبة الاستغماية ولعبة الكبت ولعبة الكبوش، ووسائل التسلية عند الكبار كالضومنة والطاولة والشطرنج ولعبة الكوتشينا ولعبة الكيرم". في حين اطلع الزوار على آلية شرب الماء بالطريقة المكية، التي تعد من عادات أهل مكة المنقرضة ك "الدورق الخزفي أو المصنوع من الطين والمنظف والمبخر بالمستكة"، ويقدم ماؤه في طاسة نحاسية مزخرفة بالنقوش.