طالب متعافون من تعاطي المخدرات كلاً من الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة الشؤون الاجتماعية والأندية الرياضية والثقافية بالاهتمام بهم، وبدورهم في التعريف بتجاربهم المريرة مع الإدمان حتى تعافيهم، وتوفير مقر لهم للالتقاء بالمدمنين الراغبين في الإقلاع ، ونصحهم وإرشادهم، والأخذ بأيديهم للإقلاع عن هذا الوباء حفاظاً عليهم وعلى المجتمع بأسره. وكشفوا ل"سبق" عن انتكاسات للكثير من حالات المتعافين؛ بسبب عدم متابعتهم وتشجيعهم للسير قدماً في طريق الإقلاع عن المخدرات، وقالوا إن اثنين من هؤلاء المنتكسين تُوفِّيا منذ أيام قليلة؛ لتعاطيهما جرعات زائدة من المخدرات. وأوضحوا أن الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب السابق - رحمه الله - دعم برنامجهم، وأمر بتخصيص مكتب لهم، يجتمعون فيه يومياً في بيت الشباب بطريق الملك فهد أمام جوازات الرياض، منذ 15 سنة، واستمر ذلك الأمر حتى تم طردهم من المكتب منذ ستة أشهر، وبعد محاولات وجهود خُصص لهم مكان يجتمعون فيه ساعة واحدة ثلاثة أيام في الأسبوع فقط. وأكدوا أنهم لا يريدون أي دعم مادي، ولا أي مميزات من أي جهة حكومية، ولكن يريدون فقط مساعدتهم لنقل تجاربهم في التعافي من الإدمان إلى من ابتُلوا بتعاطي المخدرات. جاء ذلك في لقاء "سبق" مع أربعة من "برنامج المدمين المتعافين من المخدرات"، الذين يطلقون على أنفسهم "لجنة المعلومات العامة من مجموعة الخيمة للمدمنين المجهولين"، وأشاروا إلى أن اسم "مجموعة الخيمة" جاء إثر قيام مستشفى الأمل السابق في السلي قبل 17 سنة بتخصيص "خيمة" مقراً لاجتماعات المدمنين المتعافين من المخدرات، وكانت تقع بالقرب من السور الخارجي للمستشفى. وقالوا إن لجنتهم تكوَّنت من أصحاب تجارب الإدمان الذين تعافوا من التعاطي، وبدأت بلقاءات عدة , كل متعافي يحكي قصته وتجربته مع الإدمان، وما حدث له من تأثيرات سلبية في صحته وأسرته وعمله وعائلته، وكيف بدأ طريق التعافي من الإدمان، وأفضل السبل إلى ذلك. وأكدوا أن هناك 12 طريقة للتعافي من الإدمان، وهي طرق علمية عالمية مجربة، لافتين إلى أنهم بدؤوا في التجمع والالتقاء في أماكن مختلفة عدة، قبل أن يلجؤوا إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب؛ حيث وجّه الأمير فيصل بن فهد بتخصيص مقر لهم يجتمعون فيه يومياً في بيوت رعاية الشباب بالرياض، وذلك منذ 15 سنة. وأضافوا بأنهم جمعوا الكثير من الكتب والبرامج الخاصة بالتعافي من الإدمان وكيفية الإقلاع عن المخدرات، وأنشؤوا مكتبة خاصة بهم في المكتب المخصص لهم برعاية الشباب، وعملوا ميداليات تحفيزية للمقلعين الجدد عن الإدمان، ومن تعافوا من المخدرات؛ فهناك ميدالية يمنحونها لمن أقلع حديثاً، وأخرى لمن استمر في التعافي؛ لتشجيعهم على المضي قدماً في طريق الإقلاع عن المخدرات. وأضاف المتعافون الذين يصرون على عدم الإفصاح عن هوياتهم وأسمائهم وصفاتهم لظروف أسرية ومجتمعية، إنهم كانوا يخصصون كل يوم اثنين من كل أسبوع ليقوم فريق منهم مكوَّن من ثلاثة أو أكثر بزيارة مستشفى الأمل بالرياض، والالتقاء بالمدمنين، وإرشادهم ومناصحتهم، وعرض تجاربهم مع إدمان المخدرات، وكيفية الإقلاع عنها والتعافي منها. كما كانوا يخصصون يوم الثلاثاء من كل أسبوع لاستقبال الحالات الجديدة لمن يريدون التعافي، ويبدؤون في الاستماع إلى قصصهم، والتأكد من رغبتهم في التعافي من المخدرات، ويعرضون عليهم الأساليب التي تعينهم على ذلك، ثم يبدؤون في متابعتهم والاتصال بهم وتشجيعهم. وأشاروا إلى أن المكتب المخصص لهم في بيوت الشباب شهد إقبالاً كبيراً ممن يريدون التعافي من الإدمان، الذين وصل عددهم إلى 200 شخص، وكان من يحضرون اجتماعات اللجنة ما بين 40 و50 شخصاً، وشارك الجميع في إثراء المكتبة الخاصة بالمتعافين من المخدرات، والإطلاع على التجارب العالمية في التعافي من الإدمان، والتواصل مع اللجان المحلية التي شُكّلت في عدد من المناطق للمتعافين، خاصة في الظهران؛ حيث توجد مجموعتان تحظيان بدعم من شركة أرامكو، ومجموعات في جدة، ومجموعة في القطيف، ومجموعة في خميس مشيط يدعمها نادي ضمك. وقال المدمنون المتعافون إنهم يمثلون شرائح مختلفة من المجتمع، تعليمية وثقافية ووظيفية، وكل منهم له وظيفته وأسرته التي يحافظ عليها؛ ويرفض الكشف عن شخصيته، حفاظاً عليها، ولا يريدون أي شيء سوى تخصيص مقر ثابت ومستقر لهم في أي جهة حكومية، وتحت إشراف هذه الجهة، يلتقون فيه، ويقومون من خلاله بدورهم المنوط بهم في تشجيع الإقلاع عن الإدمان. وقصّ أفراد "لجنة المعلومات العامة من مجموعة الخيمة للمدمنين المجهولين" ل"سبق" معاناتهم مع المسؤولين في بيوت الشباب، وكيف تم طردهم من المكتب الذي خصصه الأمير فيصل بن فهد لاجتماعاتهم اليومية، وقالوا: "فوجئنا منذ أكثر من ستة أشهر بورقة معلّقة على باب المكتب، يطالبوننا فيها بإخلائه بحجة الصيانة، وأُجبرنا على نقل الأشياء الخاصة بنا، من كتب وسيديهات وميداليات وبرامج للتعافي، إلى سياراتنا، وعلمنا بعد ذلك أنه تم الاستيلاء على المكتب، ورفضوا رجوعنا إليه". وأضافوا بأنهم لجؤوا إلى رعاية الشباب "وبعد جهود مكثفة تم تخصيص ثلاث ساعات أسبوعياً، بمعدل ساعة كل سبت واثنين وأربعاء، من الثامنة والنصف إلى التاسعة والنصف مساء فقط، إضافة إلى عدم تعاون المسؤولين على بيوت الشباب معنا". وأشاروا في حديثهم مع "سبق" إلى أن "ساعة واحدة ثلاثة أيام في الأسبوع فقط لا تكفي، وأن النتيجة كانت قلة المترددين على اللجنة للتعافي من الإدمان، ووصل العدد إلى 15 شخصاً فقط بعد أن كان عدد من يحضرون اللقاءات 50 شخصاً". وأضافوا بأن "هناك حالات انتكاسات كبيرة في وسط المتعافين؛ فمنهم من رجع للإدمان، وهناك من ماتوا بعد تعاطيهم جرعات كبيرة من المخدرات"، وحددوا اسمين من هؤلاء، مبينين أنهم اضطروا إلى الالتقاء في الحدائق وعلى المقاهي، ووزعوا مكتبتهم على سياراتهم، وبات التواصل مع من يريدون التعافي صعباً؛ لعدم وجود مقر ثابت لهم، خاصة أن هناك من يأتون من خارج الرياض للالتقاء بهم. وحذر أعضاء "لجنة المعلومات العامة من مجموعة الخيمة للمدمنين المجهولين" من خطورة انتكاسة من يتعافى ثم يعود للتعاطي مرة أخرى، مبينين أن ذلك يمثل خطراً شديداً على هؤلاء، وقد يلقى بعضهم حتفه؛ لزيادة جرعة التعاطي. وأكدوا أن وجود مقر ثابت لهم ومعلن ومعروف يشجع على ارتياد من يريد التعافي من الإدمان، وقالوا إن لقاءاتهم مقصورة على المتعافين ومن يريدون التعافي والإقلاع عن الإدمان، ولا يسمحون لغير هؤلاء بالحضور حفاظاً على عدم كشف هويتهم أو شخصياتهم. وحدّد أعضاء "لجنة المعلومات العامة من مجموعة الخيمة للمدمنين المجهولين" مطالبهم في الحصول على مقر ثابت يلتقون فيه يومياً، وقالوا إن البرنامج الذي يتبعونه عالمي ومعروف ومكوَّن من 12 خطوة تساعد على الإقلاع عن التعاطي، ومطبَّق في 47 دولة، ومعمول به لدى مجموعات ولجان المتعافين من الإدمان في السعودية، ويسمَّى "برنامج زمالة المدمنين المجهولين"، وهو برنامج دعم ذاتي للتعافي من مرض الإدمان، وموجَّه للمتعافين من الإدمان؛ ليحولهم إلى منتجين صالحين منخرطين في المجتمع. وأوضحوا أن البرنامج يحتوي على 36 مبدأ جوهرياً، ويتكون من 12 خطوة للتعافي، وأن العضوية في البرنامج قرار شخصي طوعي للمدمن، يتوصل إليه بقناعة ذاتية، ودون أي تأثير من أحد، ويكون لديه إرادة وعزيمة وإصرار للإقلاع عن الإدمان، ويريد ممن لديه تجربة مساعدته في ذلك.