تباينت الآراء حول الدراسة التي أجراها الدكتور يوسف الأحمد عن الصاع في إخراج زكاة الفطر , والتي قدرت الصاع النبوي ب3280مللتر وخرجت بنتيجة مفادها أن جميع أنواع التمور كانت أقل من 2كلجم قبل الكنز, فيما كانت الحبوب التي وزنت بالصاع النبوي كانت أقل هي أيضا من 3كلجم , حيث عد بعض الفقهاء والدعاة هذه الدراسة بالدراسة الموافقة للواقع والتجربة،فيما أنكرها آخرون معتبرين وجود مثل هذه الدراسة يمثل نوعا من التشدد والتعنت على المسلمين بما لم ترد به شريعة الإسلام السمحة الداعية إلى الرفق وعدم التضييق على المسلمين. وقد اعتبر الشيخ الدكتور سالم بن محمد القرني"عضو هيئة التدريس بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى " الدراسة فيما يخص جانبي التمور والحبوب صحيحة , وموافقة للواقع وقال :" الحبوب والتمور فإنها تختلف في وزنها, فإننا نجد بعض أنواع التمور خفيفة وأخرى ثقيلة , فعند وزها بالكيلو تختلف اختلافا شديدا ولذلك قال العلماء في وقتنا الحاضر إن الحبوب بأنواعها لا بد في وزنها , بحيث ألا تقل عن 3كيلو احتياطا في وقت إخراجها للزكاة, وأقول "احتياطا", وإلا البعض قد يوزنها ب2كيلو, أو قد يزيد قليلا أو ينقصها قليلا". وأضاف "القرني" والشاهد أن العلماء ضبطوها ب3 كيلو لأن الموزونات تختلف فعلا كما في التمور والحبوب , فتجد مثلا تمورا ثقيلة ك(الصفري) وخفيفة ك(القسبة) ,فالذي يضبط الأمر في هذه المسألة كلها, هو الصاع وحده. ورأى "القرني" أن الدراسة في جانب وزن الحبوب والتمور صحيحة, لأن الواقع والتجربة يعضدها ويسندها. وأعتذر القرني عن التعليق حول مقدار الصاع بالمليلتر كما أوضحته الدراسة.
موافقة بالمضمون
أما الدكتور أحمد يوسف سليمان رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة فقال :إذا كانت الدراسة علمية بحتة غير تخمينية فإني أوافقها في صحة أن الكيل يختلف عن الوزن, فعدل الصاع بالوزن لا ينضبط أبدا كما أوضحته دراسة الدكتور الأحمد . وأعاد يوسف الحديث بموافقته على ما ذهبت إليه الدراسة بقوله: أوافق على النتيجة التي ذهبت إليها هذه الدراسة, لأن الوزن غير الكيل ,وينبغي الرجوع في تحديد الصاع إلى الكيل. فمضمون النتيجة بوجه عام صحيح ,لأن الكيل غير الوزن , والصاع ينبغي أن يكون المعيار الضابط له هو بالكيل, ولا ينفع في هذه الحالة الكيلو جرام , بل ينفع اللتر والقدح في جانب المكاييل لا الموزونات.
دراسة صحيحة
من جهته عد الدكتور رضوان بن حسن الرضوان "المستشار الشرعي" الدراسة صحيحة في جانبي التمور والحبوب وقال "الدراسة صحيحة في ما يختص بالتمر أما باقي الأنواع فوزنها صحيح, وهذا ما كان يذكره شيخنا ابن عثيمين رحمه الله تعالى" .
مخالفة شرعية
وخالف الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي "مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكةالمكرمة والباحث الشرعي" كل ما أورده سابقيه من صحة الدراسة ,وما ذهبت إليه في كل تفاصيلها أو أجزائها,معتبرا أن هذه الدراسة تنحى منحى التشدد على المسلمين. وقال الغامدي : لقد وجهنا الرسول صلى الله عليه وسلم, إلى أن زكاة الفطر صاع من طعام,ومن المعلوم بالتجربة اختلاف الأوزان من مطعوم إلى مطعوم , في الصاع الواحد ,فإن الصاع في القمح ,يختلف عن الصاع من الشعير, وهكذا من الأرز والتمر ونحوه من قوت أهل البلد , وقد ورد في الأحاديث إطلاق الصاع ولم يحدد ولم يعين ذلك بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم, كما أن الصاع يختلف فيه عرف المجتمعات في ذاته بين صاع كبير وصاع معتدل, والمعتبر في ذلك هو ملء الكفين المعتدليتين 4مرات وهو 4 أمداد بالكفين المعتدلتين فليست بالكفين الصغيرتين ولا الكبيرتين بل 4 أمداد بالكفين المعتدلتين. وأضاف الغامدي قائلا: الشريعة الحنيفية سمحة سهلة , لم يقصد الشارع فيها التعنت بهذه المقاييس الدقيقة المختلفة المحدثة في عرف الناس ,وإنما يكفي المكلف أن يخرج 4 أمداد بكفين معتدلتين عن نفسه وعمن يعول فذلك هو الصاع المشروع،وإنما درج الكثير من الفقهاء رحمهم الله تعالى على اشتراط الصاع نبويا في الزكاة لكونه أخرج في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فاعتبر ذلك هو المهود الشرعي للصاع, إلا أنه من المعلوم البين أن تحديد ذلك تحقيقا متعثر أو متعذر فضلا عن أنه لم يرد اشتراطه في منطوق النص وإنما أطلق الصاع على عرف أهل اللغة. ورأى الغامدي في هذه الدراسة تشددا وتعنتا فقال: التشديد والتعنت ليس من مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة ولا من أهدافها.