قدَّم الدكتور يوسف بن عبدالله الأحمد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عرضا مختصرا لأحكام زكاة الفطر وعيد الفطر مقرونا بالدليل لقراء “شمس” تحريا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم واتباعا لسنته. حكمها زكاة الفطر فريضة على كل مسلم؛ الكبير والصغير، الذكر والأنثى، الحر والعبد؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر، أو صاعا من شعير؛ على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين. وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة”. أخرجه البخاري. فتجب على المسلم، إذا كان يجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته، أن يخرجها عن نفسه، وعمن تلزمه مؤنته من المسلمين كالزوجة والولد. والأولى أن يخرجوها عن أنفسهم إن استطاعوا؛ لأنهم المخاطبون بها. أما الحمل في البطن فلا يجب إخراج زكاة الفطر عنه؛ لعدم الدليل. وما روي عن عثمان رضي الله عنه، وأنه “كان يعطي صدقة الفطر عن الحَبَل”. فإسناده ضعيف. (انظر الإرواء 3 / 330). حكم إخراج قيمتها لا يجزئ إخراج قيمتها، وهو قول أكثر العلماء؛ لأن الأصل في العبادات هو التوقيف، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدٍ من أصحابه أنه أخرج قيمتها، وقد قال عليه الصلاة والسلام: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”. أخرجه مسلم. حكمة زكاة الفطر ما جاء في حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر؛ طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين. من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات”. أخرجه أبوداود وابن ماجه بسند حسن. جنس الواجب فيها طعام الآدميين؛ من تمر أو بُر أو أرز أو غيرها من طعام بني آدم. قال أبوسعيد الخدري رضي الله عنه: “كنا نخرج يوم الفطر في عهد رسول النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر”. أخرجه البخاري. وقت إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، كما كان الصحابة يفعلون؛ فعن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهم، أنه قال في صدقة التطوع: “وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين أخرجه البخاري، وعند أبي داود بسند صحيح أنه قال: “فكان ابن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين”. وآخر وقت إخراجها صلاة العيد، كما سبق في حديث ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم. مقدارها صاع عن كل مسلم؛ لحديث ابن عمر السابق. والصاع المقصود هو صاع أهل المدينة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ضابط ما يكال، بمكيال أهل المدينة، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المكيال على مكيال أهل المدينة والوزن على وزن أهل مكة”. أخرجه أبوداود والنسائي بسند صحيح. والصاع من المكيال، فوجب أن يكون بصاع أهل المدينة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد وقفت على مدٍ معدول بمد زيد بن ثابت رضي الله عنه عند أحد طلاب العلم الفضلاء، بسنده إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه فأخذت المد وعدلته بالوزن لأطعمة مختلفة، ومن المعلوم أن الصاع أربعة أمداد؛ فخرجت بالنتائج الآتية: أولا: أن الصاع لا يمكن أن يعدل بالوزن؛ لأن الصاع يختلف وزنه باختلاف ما يوضع فيه، فصاع القمح يختلف وزنه عن صاع الأرز، وصاع الأرز يختلف عن صاع التمر، والتمر كذلك يتفاوت باختلاف أنواعه، فوزن (الخضري) يختلف عن (السكري)، والمكنوز يختلف عن المجفف، حتى في النوع الواحد، وهكذا. ولذلك فإن أدق طريقة لضبط مقدار الزكاة هو الصاع، وأن يكون بحوزة الناس وهذا يفي بأن المقدار يحدِّد حجم الكمية وليس وزنها. ثانيا: أن الصاع النبوي يساوي: (3280 مللتر) ثلاثة لترات و280 مللتر تقريبا. ا لمستحقون للزكاة هم الفقراء والمساكين من المسلمين؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق: “..وطعمة للمساكين”. تنبيه من الخطأ دفعها إلى غير الفقراء والمساكين، كما جرت به عادة بعض الناس من إعطاء الزكاة للأقارب أو الجيران، أو على سبيل التبادل بينهم، وإن كانوا لا يستحقونها، أو دفعها إلى أسر معينة كل سنة من دون نظر في حال تلك الأسر؛ هل هي من أهل الزكاة أم لا؟ مكان دفعها تدفع إلى فقراء المكان الذي هو فيه، ويجوز نقلها إلى بلد آخر على القول الراجح؛ لأن الأصل هو الجواز، ولم يثبت دليل صريح في تحريم نقلها.