جددّ المفكر المصري جمال البنا، الشقيق الأصغر لحسن البنا مؤسِّس جماعة الإخوان المسلمين، مطالبته بمحو كل الأحاديث وكتب التفاسير والاعتماد كلياً على الأصل وهو "القرآن"، وقال إننا في عهدنا لسنا بحاجة إلى تفاسير؛ لأن القرآن يفسر بعضه بعضا، مشيراً إلى أن فتواه حول تقبيل الرجل للمرأة جاءت لأن عملية القبلات هي أهون صور الانحراف، فيما وصف الباحث والمفكر الإسلامي عبد الله الشريف حديثه عن القبلات ب "التخريف" قبل أن يعتذر عن المُضي في الحلقة كون حديث البنا لا يمكن قبوله في العلم الشرعي ولا المنطق العقلي. وفي حلقة من برنامج "اتجاهات" الذي تقدمه نادين البدير ويُعرض على "روتانا خليجية" قال البنا إن معظم المجدّدين نشأوا نشأة إسلامية ويُظَن أنه لا يمكن أن يتحدث عن التجديد الإسلامي إلا لمن ألّمَ بالثقافة الإسلامية ودرسها. وأضاف : "المفارقة هنا أن مَن يدرس الثقافة الإسلامية لا يجد وقتاً ليتعلم شيئاً غيرها؛ لأن التراث ضخم جداً وكتب كبيرة جداً وتستهلك حياة كاملة فكانت النتيجة أن لا أحد استطاع أن يخرج من الدائرة الخاصّة بالثقافة الإسلامية التقليدية إلا الأفراد الأفذاذ" . وذكر البنا أن التراث كله لا يصلح في الوقت الحالي "لأنه كان يمثل عصراً معيناً، والذي وضعوه عباقرة وأرادوا الخدمة والقربة إلى الله به وهذا لا يعني أنهم معصومون أو أنهم فوق الضعف البشري؛ فضلاً أن عصرهم لم يكن أفضل العصور ثم إن ما صلح من 1000 عام لا يمكن أن يصلح بعدها ومن أكبر أسباب تخلف الفكر الإسلامي هو أنه ركّزَ جهده في دراسة التراث". وحول مطالبته بمحو الأحاديث وكتب التفاسير قال: "عندنا الأصل وهو القرآن أما المذاهب الأربعة فهو فهم العلماء للقرآن في عهدهم، والبديل أن نفهم القرآن في عهدنا ولسنا بحاجة إلى تفاسير؛ فالقرآن يُفسر بعضه بعضا، الرسول يدعو إلى الإسلام بتلاوته للقرآن، والأحاديث لم تُدون إلا سنة 150 أما قبل ذلك فكانت تتناقل شفاهة وهناك أحاديث عديدة جداً نهى الرسول عن كتابة حديثه، والناس تتمايز بالعلم والمعرفة والخدمة والتقدم "مش إنه بيصلي 1000 ركعة وأنه رجل تقي هذا مش مهم هذا بينه وبين الله". وردّ المفكر الدكتور عبد الله الشريف على كلام البنا قائلاً: "هذا أمر يخصُّ جمال ولا يخص غيره؛ لأن البنا يتناقض ويقول لا يستشهد بالسنة القولية ويرفضها وكل حديثه يستشهد بها .. القضية قضية تناقض ليس هذا باب العلم.. أيضا القرآن بفهم مَن بفهم جمال؟ وغيره ليس له الحق أن يفهم من القرآن ما لا يفهمه هو.. هذه قضية لا تحتاج إلى نقاش.. أما تجديد الخطاب الديني فهذا أمرٌ آخر مختلف ليس هو الذي يقضي أن كل تراثنا نرميه في البحر" . وأضاف البنا أنه لم يُنكر السنة القولية، بل يضبط السنة بالقرآن "السنة الفعلية كل الناس شافوها.. أما القولية فتضبط مع القرآن ما توافق مع القرآن قبلناه وما اختلف رفضناه". وحول حجاب المرأة ذكر البنا أن كلمة "حجاب" في القرآن أتت بالنسبة لزوجات الرسول وجاءت مرة واحدة، حيث كانت بيوت الرسول ما لها أبواب وكان في الجامع، وكان عمر يقول يا رسول الله استر البيوت، وهو أن يكون لها حجاب أو ستار أو باب ليس بمعنى "زيّ". وعن موضوع الحجاب قال الشريف: "لو كانت هذه الكلمة التي يدّعي أنها لم ترد إلا مرة واحدة عن نساء الرسول، فإن للمرأة لباساً يجب أن تعتبره وتلبسه حتى يكون شعارها شعار الإسلام وهذا معروف بالسنة العملية التي يدعيها". وأكمل البنا حديثه عن الحجاب، قائلاً: "عمليات الزي بتأخذ العديد من الاعتبارات فالمرأة في الجاهلية تضع خماراً على رأسها من باب حماية شعرها من الهواء والتراب والشمس وهذه طبيعية وأيضاً بالنسبة للرجل فهي عملية بعيدة عن الدين.. الحجاب من أوله لآخره حاجة صغيرة، أنا لما أحكم على المرأة ما أحكم على الحجاب وخلاص أو أشوفها متبرجة وأقول أعوذ بالله؛ بل يمكن عندها علم وأخلاق وتعمل عملاً مسؤولاً، فلا نحكم على المرأة بالحجاب". وجاء ردّ المفكر الشريف: "الرجل يقول إن المرأة في الجاهلية تضع الخمار على رأسها ونسي أن الله - عزّ وجلّ - يقول: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) فالخمار إسلامي وليس جاهلياً.. ولكن ماذا نصنع مع جمال.. فهو اعترف أنه ليس له ثقافة إسلامية ولهذا ليس من حقه أن يتكلم عمّا يجهل.. أما يتحدث في العلم وهو يجهله فكيف؟!". وحول جوازه تقبيل الشباب للفتيات وأنه لا توجد مشكلة في هذا الشأن، قال البنا: "كنا بنتكلم عن انحراف الشباب والشابات الذي يعود إلى أن الآباء والأمهات يشترطون شروطاً صعبة لمَن يتقدم للزواج من بناتهن .. مثل المهر والسكن وهي ليست موجودة عند الشاب العادي وبذلك حدثت الفتنة وهي انحراف الشباب والشابات كالزنا والزواج العرفي، إذا كانت العملية قبلات فهي أهون صور الانحراف". واعتذر المفكر السعودي الشريف عن المُضي في الحلقة قائلاً: "أعتذر عن المُضي في الحلقة لأن هذا تخريف، يريد أن يُشرّع الانحراف هو يعترف بأنه انحراف ثم يشرع له ثم يستشهد له بأحاديث، هذا غير معقول لا فيه من العلم الشرعي ولا المنطق العقلي، فهذا ليس مجال العلم الذي يُراد منه أن يضبط المجتمع ويحيا الناس بعفاف.. يُشّرِع الانحراف ويريد النساء والرجال أن يجتمعوا ويقبلوا بعضهم بعضا ويضموا، هذا رجل يريد أن يجعل الدنيا كلها على هواه وليس باسم الشرع ولا العقل ولا باسم الأوروبيين.. الشاب الذي لا يستطيع النكاح فليتسامى ويلعب أنشطة رياضية أو أن يكون له نشاط ثقافي أو علمي ويشغل نفسه عن هذه الشهوة". وحول رؤيته في أن المرأة لها حق الإمامة من الرجال إذا كانت أعلم بالقرآن، علّق البنا قائلاً: "مؤهل الإمامة هو العلم بالقرآن فالأعلم بالقرآن أحق بالإمامة وإذا وجدنا امرأة عالمة بالقرآن ورجلاً جاهلاً بالقرآن فأيهما أحق للإمامة طبقاً لما وضعه الرسول من معيار؟ فمشكلة المرأة مع المجتمع وليس الإسلام .. وختم البنا حديثه قائلاً إنه ليس بعلماني ولكنه مدني. من جهتها، قالت مقدمة برنامج "اتجاهات" إن "المخرف" ليس مَن بلغ التسعين عاماً ويحاول العطاء، بل يمكن للفرد أن يكون في الثلاثين أو العشرين من عمره ويبلغ درجة التخريف لعدم وجود القدرة على العطاء، جاء ذلك تعليقاً على حديث الدكتور الشريف على المفكر البنا، حيث وصف حديثه ب "التخريف".