بما أننا (عيال قريّة) وكل (يعرف خيّه) أصبحنا نعرف مسبقا ما سيحدث في كل احتفال وطني أو مناسبة وطنية تحت مسمى الإنكار، فما عليك سوى أن تندس بين الحضور وعندما تبدأ الفعاليات وتنطلق الكاميرات التلفزيونية وكاميرات الأجهزة الذكية تخرج بكل ذكاء وتتمشى يمنة ويسرة وتؤمي بيديك وترفع صوتك حتي تلفت نظر رجال الأمن في المكان وعندما يحتكون معك ويسحبونك خارج المكان تنطلق بعدك المقاطع والصور المناصرة لك والداعية لك بالفرج نتيجة القبض عليك وهم لا يعلمون أنك خرجت من باب المكان إلى بيتك وتنعم في مرحلة النوم السابعة تداعبك أحلام الشهرة من صباح الغد، حتى إن همك الأول يصبح بعد صحوك المبكر من النوم هو تصحيح اسمك الثلاثي للجماهير الهاتفة لك والمؤيدة لك التي لاتعرف أن المخلصين من أهل الدين الحقيقي قد قاموا بما لم تقم به وغيروا ما لم تستطع تغييره عبر طرق الإنكار الشرعية التي جميعها على اختلاف مشاربها تحرم إيقاد الفتنة مهما كانت الأسباب تبدو للجاهل حقا مكتسبا لاجرما فادحا، إنها أقصر الطرق لمن ابتغى شهرة وبطولة ونصرا دون ساحة قتال، حتى إنها تجعل من الشخص العادي شخصا يحظى بكاريزما وشهرة لم يحصل عليها شيخ فاضل في الحرم المكي يبث أنوار الرحمن في صدور الخلق منذ أربعين عاما، وذاك ديدن أهل العلم في وأد الفتنة والتهرب عن الأضواء وسلك الطرق الشرعية للإنكار، انطلق الباحثون عن حظوة اجتماعية دينية للإنكار العلني والتخريب والدعوة إلى الفتنة بحجة درء المفاسد وهم لا يعرفون أنهم يوقدون فتنة أكبر إن انطلقت لا يمكن إخمادها، تلك المفاسد التي يحصرونها فقط في حضور المرأة، درء المفاسد الحقيقي ليست المرأة هي أول أولياته بل هناك مفاسد اجتماعية أخرى أشد وأدهى لكنهم لا يقفون بإنكارها لأنه لا توجد كاميرات تلفزيونية تصور ولا كاميرات أجهزة ذكية تتداول المشهد وتكتب الاسم الثلاثي للبطل المغوار الذي يبحث عن رجال الأمن للقبض عليه ليصبح بطلا!.