من المؤكد أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصفتها سلطة تنفيذية لها احتكاك كبير في الشارع، سجلت ما يسمى انحرافات فكرية من أفراد يدعون أنهم أهل دين فيما هم مصابون بلوثة عقلية كما وصفهم رئيس الهيئة الدكتور «عبد اللطيف آل الشيخ» . وهذا ما دفع الهيئة للتفكير بإنشاء وحدات «الأمن الفكري» التي شرح مهامها المتحدث الرسمي للهيئة الدكتور «تركي الشليل» : «وحدة الأمن الفكري بالهيئة تعنى بأنشطة الحصانة الفكرية، وإيجاد برامج وقاية من الانحرافات الفكرية، وذلك بمعالجة طرفي الانحراف الفكري وهما التطرف والغلو، وما يترتب عليه مثل قتل الأنفس وتخريب الممتلكات» ، وأكد أن وحدة الأمن الفكري هي وحدة علمية إدارية تعنى ببرامج لتعزيز الأمن الفكري، إعدادا وتنفيذا ويشرف عليها أكاديميون متخصصون في قضايا الأمن الفكري، وترتبط إداريا بالرئيس العام، ورؤيتها تكوين مجتمع إسلامي آمن متمسك بثوابته وهويته ومخلص لدينه ووطنه وولاة أمره. هذه الوحدات «الأمن الفكري» التي بدأ تدشين دوراتها أمس الأول في المدينةالمنورة تطرح علينا سؤالا كبيرا ومخيفا أيضا مفاده : ماذا تفعل وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي، المسؤولتان عن بناء العقول، إن كان مثل هذا الفكر المنحرف والساذج ينتشر؟ ففكرة تفجير نفسك لقتل البشر أو لهدم وتخريب المنشآت، هي ضد الطبيعة البشرية القائمة على حماية الإنسان لنفسه في حال مواجهته أي خطر، والإنسان ما لم يكن لديه اضطرابات نفسية لن ينتحر، أو لن ينهي حياته. ولا يمكن نشر مثل هذا الفكر إلا قبل وعي الإنسان، أي وهو طفل حين تزرع فيه الأفكار فتتحول كمسلمات دون وعيه أو فهمه لمثل هذه الأفكار، فيتعاطى معها فيما بعد كمقدسات غير قابلة للتفكيك. والطفل أو الفرد يقضي 12 عاما داخل أروقة مدارس وزارة التربية والتعليم، قبل أن ينتقل لجامعات وزارة التعليم العالي ليقضي 4 سنوات على أقل تقدير، ومن المفترض أن تؤسس المدرسة والجامعة ولو قليلا من الوعي والمنطق؛ لضرب هذا الفكر المنحرف والساذج، لأن فكرة قتل النفس هي ضد طبيعة الإنسان التي خلق عليها ولا يمكن له أن ينتحر ما لم يكن لديه اضطرابات نفسية. فما الذي تفعله مؤسسات التعليم، إن كان المجتمع مضطرا لإنشاء وحدة «الأمن الفكري» ؟.