يبدو أن المرشح الجمهوري لكرسي الرئاسة في البيت الأبيض الشيخ «دونالد ترامب» أسس دون قصد مدرسة جديدة في فن الدعاية يمكن وصفها ب«المدرسة الترامبية» تختص بشكل دقيق في إدارة الأزمات وتحويل الخسائر الافتراضية إلى أرباح عن طريق سحق الخصوم بأسلحتهم وأيديهم أيضاً. خلال الأسبوع الماضي عملت حملة المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون على ضرب سمعة منافسها الملياردير باتهامه بالفساد واللصوصية استنادا على معلومات تفيد بتهربه من دفع الضرائب طوال عقد كامل.. توجهت رسائل حملة كلينتون للفقراء وذوي الدخل المحدود الذين يعانون من الضرائب قائلة: «أنتم تتعبون وتكدحون كل يوم في جني المال الذي بالكاد يسد احتياجاتكم ومصروفات أطفالكم ومع ذلك تدفعون الضرائب للدولة دون تأخر، بينما هذا الملياردير الجشع لم يدفعها طوال عشر سنوات أو أكثر، فكيف يمكن أن تسمحوا له بأن يدير البلاد؟». والحق أن رسائل المعسكر الديموقراطي حول هذه القضية بالذات بدت كضربة قوية لحملة ترامب وأدت إلى تراجعه لنحو ثلاث نقاط في استطلاعات الرأي مقارنة بمنافسته قبل أن يلتف عليها ويحولها إلى صالحه بتصريح واحد فقط. خرج ترامب للجمهور كالعادة ببدلته الزرقاء وربطة عنقه الحمراء (وهو بالمناسبة زي يماثل ألوان العلم الأمريكي ويحمل رسالة نفسية خاصة) موضحا أنه لم يفعل شيئا مخالفا للقانون بل «استخدم ببراعة» قوانين الضرائب الأمريكية لصالحه للحد من المبلغ الذي دفعه للضرائب، وأن ذلك ساعده على البقاء خلال فترة صعبة في سوق العقارات، ما يعني مهارته الفائقة في إدارة الأزمات المالية التي قد تتعرض لها الولاياتالمتحدة. وأضاف أمام حشد في بويبلو في ولاية كولورادو: «كنت قادرا على استخدام قوانين الضرائب في هذا البلد وبصيرتي المهنية في الخروج من الفوضى العقارية.. في حين تمكن قليلون من فعل ما فعلت». وفي حسابه الخاص على شبكة التواصل الاجتماعي تويتر غرد ترامب بما نصه: «أعرف القوانين المعقدة للضرائب في بلدنا أفضل من أي شخص ترشح للانتخابات، وإنني الشخص الوحيد الذي يستطيع إصلاحها». وزاد في تغريدة ثانية: «إنني وفرت عشرات الآلاف من فرص العمل (كنتيجة للبراعة في استخدام قوانين الضرائب) وسأعيد الرخاء الأمريكي العظيم. أما هيلاري كلينتون فقد أوجدت فرصا فقط في مكتب التحقيقات الاتحادي ووزارة العدل». بهذه العبارات القليلة أنهى المرشح الجمهوري معركة الضرائب لصالحه وحول سلاح كلينتون إلى سلاح ضدها، وهذا برأيي درس مهم وجدير بالتأمل تقدمه «المدرسة الترامبية» مجاناً.