تجارب التعليم الناجحة حول العالم كثيرة ومختلفة. ورغم اختلافها، تظل رائعة ورائدة وتؤدي أهدافها بشكل مباشر. على سبيل المثال، التجربتان العالميتان: (الكورية) و(الفنلندية)، مختلفتان تماما عن بعضهما. التجربة التعليمية الكورية تعتمد على تنمية النظام السلمي وتأكيد الديموقراطية السياسية والاجتماعية. وهي تضع قوانين صارمة تهتم بتنمية الجسد والعقل للطالب. كما توازن بين التعليم الفني المهني والتعليم التثقيفي. منذ بداية الستينات، بدأت كوريا تركز جهودها على إصلاح النظام التعليمي لتحديث البلاد ودخول بوابة التقدم الاقتصادي العالمي. ووُضعت قوانين جديدة من واقع المجتمع والثقافة الكورية لتلبية متطلبات إدارة التعليم لتحقيق أهداف تقوية العلاقة بين المدرسة والصناعة بنظام تكاملي. ومع مشارف الألفية الجديدة، أنشئت الجامعات المفتوحة وأصبح التعليم متاحا للجميع، ليصبح جني المعرفة مهمة مدتها حياة الفرد. التجربة التعليمية الفنلندية تركز بشكل مباشر على منتج: احترام الفردية وتطوير الشخصية، وتنمية المهارات الاجتماعية والتفاعلية، وبناء المواطن الصالح بدءا من الاهتمام باحتياجات الآخرين ومساعدتهم وانتهاء بالموقف الإيجابي من الثقافات والبيئات العالمية الأخرى. التعليم الفنلندي يعتمد على الأبحاث التي تفيد أن (90%) من نمو مخ الإنسان يحدث في أول خمس سنوات من عمره، و(85%) من المسارات العصبية تتطور قبل بدء الدراسة. لهذا، وفرت الدولة منذ عام 1990 مدارس رعاية الأطفال من سن 8 أشهر وحتى 5 سنوات؛ على اعتبار أن التعليم المبكر حق من حقوق الطفل وليس مجرد حضانة لحين انتهاء دوام الأم. رسالة التعليم الفنلندي هي: «تعليم الطفل كيف يتعلم». لهذا، يتم التركيز على المعلم ودرجته العلمية ومستواه التعليمي... ففي حين أن التعليم الكوري يركز على الأنظمة والقوانين الصارمة التي تصنع تعليما جيدا نهضت به كوريا إلى مصاف الدول الصناعية العالمية الأولى، يركز التعليم الفنلندي على المعلم وآليات التعليم لصناعة تعليم جيد نهضت به الدولة ولا تزال مواكبة. الطالب في كل مراحل التعليم الأساسي أو المتوسط أو العالي يعتبر خامة صافية ليست سيئة وليست جيدة. المعلم، أو النظام التعليمي وقوانينه، أو المناهج التعليمية، أو معادلة من هذا وذاك، تصنع في النهاية الطالب/ الفرد الجيد أو السيئ. علينا فقط أن نكون أكثر جرأة، ونحن على مشارف فتح صفحات تطويرية نوعية على العالم، وبين أيدينا رؤية 2030، لنضع برنامجا تعليميا ينهض بالفرد السعودي وينبع من واقع المجتمع والثقافة السعودية.