منذ إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، والخليجيون مختلفون حوله - خاصة المراهقين والغلمان -، معه من معه، ومن ضده، ضده لآخر الخط، إلا أنهم يتقاسمون نفس السؤال.. هل هو بطل قومي يستحق أن يهيموا ويتحدثوا بسحر بطولاته ودفاعه عن العروبة، أم هو ديكتاتور أحمق، احتل دولا، وقتل شعوبا، وخرب مدن وأقاليم بلاده وأفقرها، وجر شعب العراق لويلات وحروب، لن يستطيعوا الخروج منها ولا بعد مئة عام. الخليجيون بالذات دون شعوب العرب قاطبة، هم أكثر من ذاق ويلات صدام، فقد ابتزهم واختطف أموالهم طوال ثماني سنوات، بحجة الدفاع عن البوابة الشرقية، ثم انقلب عليهم واحتل «الكويت» بأسلحتهم، وحاول احتلال البلد الثاني «السعودية»، لقد دفعوا ثمنا غاليا بسببه، ومع ذلك يأتي من يحدثهم من أبنائهم عن بطولات وأمجاد صدام. تولى صدام حسين، ابن تكريت، القرية العراقية النائية، السلطة في بغداد عام 1979، وأصبح رئيساً للعراق بعد أن قام بحملة لتصفية معارضيه وخصومه داخل حزب البعث، وفي عام 1980 دخل صدام حرباً مفاجئة مع إيران استمرت 8 سنوات عجاف، بسبب تداخل الحدود وموانئ صغيرة على الخليج العربي. الغريب أن صدام بعد غزوه للكويت، تخلى عن كل الأراضي التي أعاد السيطرة عليها من إيران، في محاولة منه لاستمالة إيران لصفه، وهو ما لم يتحقق أبدا، بل خسر الأرض والكرامة والحرب. خلال عام ونصف من احتلال الكويت وحتى تحريرها، قتل وعذب واغتصب جيش صدام الآلاف من الكويتيين والكويتيات، وقذف بصواريخه العاصمة السعودية، وطالت حممه مدينة الخبر، لقد أفرط في القوة ضد من يفترض أنهم أهله في الخليج والعروبة. بقي العراق بعدها تحت الحصار الدولي حتى عام 2003، بسبب حمق صدام وسوء إدارته للأزمة، هل يوهم عاقل العالم بامتلاكه لأسلحة محظورة، هذا ما فعله صدام، لقد كانت ألاعيب سياسية واهية، اقترحها وروجها ولم تخدمه، بل ضرته وضرت وطنه، ظانا منه أنها ستحميه من الغرب، بينما فتحت عليه نار جهنم، وتسببت في احتلال أرضه فيما بعد. يطل علينا صدام كل أضحى، بسبب إعدامه ليلة العيد، على يد حكام العراق الحاليين، وهم الذين لا يقلون عن صدام إجراما وحماقة، لكن عودته دائما ما تحمل نفس الجدل، أهو بطل سني، أم رئيس جاء من الطائفة السنية، لا السنة يفخرون به، ولا يتحملون وزر أعماله. ولعل السؤال المهم الذي سيبقى مفتوحا، هل السنة كما الشيعة كما المسيحيين، كما كل الطوائف في هذا الشرق العصي على الحلول، في حاجة لبطل، يحمي مصالحهم ويطلقون من أجله الأهازيج والرقصات، أم هم في حاجة لقادة أوطان، أيا كانت خلفياتهم، يخدمون الشعوب المسحوقة، وينتمون للأرض الخالدة، ويثبتون لمواطنيهم إخلاصا وكفاءة سياسية واقتصادية. لم يكن صدام ملاكا، ولا يبرر اضطهاده للشيعة احتفاء بعض السنة به، والتغاضي عن جرائمه، ففعله إجرام، والدفاع عنه أكثر إجراما، لقد ظلم السنة والأكراد والشيعة جميعا، ولم يرحم أحدا، كما أنه من غير الأخلاقي أن يحمل الشيعة، السنة جرائم البعث وصدام. صدام ليس عسكريا، ولا جاء من بيوت الجيوش، كما هي موضة كره العسكر والجيوش، السارية هذه الأيام، والتي يروجها ويرسخها بقايا اليسار والإخوان في وجدان الشعوب العربية. هو كادر حزبي مدني، مثل كوادر الإخوان المسلمين، تدرج كما يتدرجون، وفكر كما يفكرون، منبتهم واحد، ومخرجاتهم واحدة، الأولوية عندهم للحزب ومصالحه، ولو سقطت الأوطان، وماتت الملايين. لقد أثبتت أحزاب اليسار واليمين في العالم العربي، فشلها في الحكم، فالبعث في العراق وسورية، و الدعوة في العراق، وأحزاب الإخوان في الأردن ومصر واليمن وليبيا والكويت، أحزاب فاشلة راديكالية في إدارتها، استئصالية في تعاطيها مع الآخرين، همها الوحيد الوصول للسلطة، وإذا وصلوا.. ثبت غباؤهم السياسي، وسذاجتهم مع الشارع، وتهورهم في العلاقات الدولية، واستعدادهم للتخلي عن كل شيء من أجل ساعة حكم.