لمكة المكرمة خصائصها التي تفوقت بها على كل الدنيا؛ كلها مشاهد وأحداث ومواقف غيرت وجه الدنيا، وأضافت إليها قيماً عظيمة مختلفة؛ ففي كل حدث شهدته مكة لا تزال آثاره شاخصة تحكي ما حدث.. فهذا مولده ومن هنا بعثته، وهذا جبل نزل عليه جبريل.. وفي هذا الوادي كان يرعى غنمه.. وفي هذه الدار كان يجتمع مع صحبه.. من هنا دخل جيش الفتح.. من على الكعبة أذن بلال فتجاوبت الدنيا تردد الله أكبر.. ومن على جبل الصفا وقف محمد ليقرر مبدأً إسلامياً عظيماً منادياً أهله أنني لا أغني عنكم من الله شيئا.. فكل إنسان مسؤول عن نفسه وتبعات عمله. في هذا الشِعب حوصر.. من هنا خرج مهاجراً.. وفي هذا الغار اختبأ.. ومن فوق جبل النور أعلن التوحيد وانتشر النور وأرسى قواعد جديدة لحياة بشرية أفضل وأكمل. هذه مكةالمكرمة.. عظمها الله يوم خلق السماوات والأرض.. تهوي إليها قلوب الخلق.. ضمن لهم رزقهم ومعاشهم.. أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.. جعل في هذه الأرض المباركة آيات بينات وجعل المسجد الحرام رأس الشعائر العظام بكعبته المشرفة أول بيت وضع للناس حرمة وعظمة وإباحة للطائفين والعاكفين والركع السجود. وقد جعله رسول الله من أول المساجد التي تشد إليها الرحال وهو قبلة المسلمين، يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام «البيت قبلة لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي». فكيف يجرؤ كائن من كان أن يدنس هذا المكان ويفكر في تعكير أمنه وأمانه بكل وقاحة وقلة عقل وسوء منطق، دون احترام لمهابته، يقول الحق «ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب». فكيف بمن يدعي الإسلام يملك الجرأة على الدسائس والمؤامرات في أول مسجد عبد الله فيه في الأرض.. يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام «لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة -يعني الحرم- فإذا ضيعوا ذلك هلكوا».. مكة كلها مشاهد حية تحكي على الواقع ما كان يدور في المواقع.. وكأنه حدث اليوم، حفظ الله آثار نبيه وجغرافية المكان كما هو لتزداد هذه البقعة المباركة بركة في ميزة لم تعطَ لنبي من قبل. استمعت كغيري إلى البيان (النكرة) لخامنئي المرشد الأعلى لإيران وما تضمنه من اتهامات باطلة حقودة لا تصدر إلا عن السوقة والأفاقين تجاه المملكة التي تولي الركن الخامس من أركان الإسلام كل رعاية واهتمام بشهادة العالم الإسلامي أجمع، إيران التي قتلت الخليفة الثاني وهو قائم يصلي في المحراب على يد مجوسي من عباد النار. هذا هو تاريخهم الدموي والعدائي يشهد عليهم حتى اليوم، ما قاله مرشدهم الضال ليس بمستغرب؛ فلهم تاريخ أسود من الكذب والافتراء وخلق المشكلات في كل موسم حج منذ المعمم الخميني القادم على كفوف أمريكية إلى طهران، الذي حاول تصدير ثورته الفاشلة إلى كل جيرانه؛ وهي ثورة شؤم أفقرت إيران وجوعت شعبها وأدخلته غياهب السجون وعلقته على مشانق الإعدام. تدعي إيران باطلاً بأن المملكة غير جديرة بإدارة موسم الحج وأنها مقصرة في حماية ضيوف الرحمن ولا بد من إعادة التفكير في طريقة إدارة الحج، نسي هؤلاء الأفاقون أنهم هم السبب الأول والجوهري في انعدام هذا الأمن وإراقة دماء المؤمنين دون ذنب في مواسم الحج. فقد أحدثوا في مكةالمكرمة شغبا ومظاهرات وخرجوا في أحيائها يحملون شعارات كاذبة في عام 1987م، ما زلت أذكرها، وكيف تصدت لها الأجهزة الأمنية وردتهم على أعقابهم خاسرين، وكذلك ما حدث في عام 1986م عن ضبط الأجهزة الأمنية السعودية 52 كلجم من المواد شديدة الانفجار دستها المخابرات الإيرانية في عفش حجاجها لاستخدامها في تفجير المشاعر وقتل ضيوف الرحمن. كما قبضت وزارة الداخلية في حج عام 1989م على مخربين فجروا بجوار بيت الله الحرام واعترفوا بتسلمهم مواد متفجرة من سفارة إيران في الكويت. وغيرها كثير من المؤامرات الإيرانية الحاقدة عالجتها المملكة بحكمة وروية؛ فالمملكة قادرة منذ المؤسس حتى اليوم على حماية ورعاية الأماكن المقدسة بكل قوة واقتدار، ولن تقدر إيران وأذنابها أن تحجب عين الشمس بغربالها المثقوب عن حقائق يعيها العالم جيداً. إيران مصدر الشر وأس الخراب وأساس الإرهاب وأنها أداة رخيصة وصورة قميئة للفوضى والإرهاب ويبقى الحج ومشاعره وضيوفه بإذن الله في يد المملكة تحت راية التوحيد.. والكلاب تنبح والقافلة تسير. [email protected]