منذ عدة عقود تقوم الجهات المشرفة على توزيع المياه في العاصمة المقدسة برفع تسعيرة ناقلات المياه إلى أكثر من الضعف خلال شهري رمضان والحج. وكان هذا الإجراء مبرراً إلى حد ما، عندما كانت معظم أنحاء المنطقة المركزية والأحياء والمخططات التي تليها ويسكنها ضيوف الرحمن غير متصلة بشبكة المياه. وكان المبرر للرفع؛ صعوبة وصول ناقلات المياه خلال الشهرين المذكورين إلى المناطق المزدحمة بالحجاج، واحتياج الناقلة إلى وقت مضاعف حتى تصل إلى الموقع الذي تقصده لتفريغ حمولتها. ولكن جميع الأحياء الموجودة في المنطقة المركزية وما بعدها من مخططات وأحياء -حسب تصريحات المسؤولين في المياه- باتت مرتبطة بالشبكة. كما أن تلك التصريحات تؤكد وجود خزانات مياه إستراتيجية وكبيرة يتم ملؤها بالتقسيط بمئات الآلاف من الأمتار المكعبة من المياه، لتكون جاهزة وكافية لتغطية احتياجات مناطق الحجاج والمعتمرين في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة. فلماذا تواصل الجهة المشرفة على المياه رفع التسعيرة في المواسم، معلنة ذلك بواسطة لوحات مثبّتة عند الأشياب، ولمصلحة من هذه الزيادة إذا كانت مناطق الحج أُمّنتْ لها المياه في المواسم حسب ما بُشَر به الناس؟ هل رفع التسعيرة خدمة تُقدّم على حساب المواطن المستهلك لمصلحة مؤسسات نقل المياه؟ أم أن الزيادة لمصلحة شركة المياه؟ أم لهما معاً؟ ولماذا يتحمّل المواطن أو المقيم مثل هذه الزيادة؟ مع أن هؤلاء المستهلكين للمياه يسكنون في مناطق بعيدة عن مناطق الزحام التي أوجبت الزيادة في الماضي، ووصول الناقلات إليهم من الأشياب لا علاقة له بزحمة الحج أو العمرة، لا سيما مع توفر الخطوط الدائرية التي تربط جميع مخططات مكةالمكرمة الرئيسية. ولماذا يدفع هؤلاء السكان ثمن إجراء بيروقراطي مضت عليه عقود ولم يُراجع حتى تاريخه لمعرفة مدى ارتباطه بالواقع؟ لقد فهم المواطنون أن إنشاء شركة المياه جاء لتطوير أساليب توزيع المياه وتوفيرها بأسعار مناسبة واستكمال تنفيذ الشبكة لجميع المناطق، فإذا بها تُطّبق إجراءً بيروقراطياً عمره يزيد على أربعة عقود! وما الفائدة من إسناد المياه لشركة أهلية أو أجنبية إذا كان الوضع سيبقى كما هو؛ ناقلات تجوب الشوارع محملة بالمياه. فإلى متى تظل أحوال المياه في أيدٍ غير رشيدة؟! [email protected]