الحياة المدنية جعلت من الأمانات القيم على حياتنا اليومية من الولادة إلى الممات، وكما تعطي إجازة الدفن في مقابرها للأموات تمادى بعضها في ترك الفخاخ في كل مدينة لاصطياد الأطفال والعجزة. وفي السنة الماضية سمعنا وقرأنا عن البيارات المفتوحة في الشوارع العامة، وكيف التهمت بعض الأطفال وبعدها التهام أفواه الآبار المفتوحة لأشخاص عدة من المواطنين، وكالعادة تتقاذف الجهات المسؤولة إبراء الذمة من تلك الفخاخ. وبالأمس تبرأت أمانة مدينة الدمام من مسؤولية غرق الطفل عبدالعزيز الشمري في مستنقع، ظل أبو الغريق يداوم على ردمه على مدى ثلاثة أعوام، وكان المستنقع يعاود تجمع مياهه كلما هطلت الأمطار على مساحة 500 متر مجاورة لبيت الغريق ولم تفلح مكاتبة الأمانة للتحذير من خطر تلك المياه الراكدة. وكما هي العادة تكون الردود حول أي مشكلة قائمة بالتخفيف من أثرها مع إعطائك وعدا بالحل وفق ما تيسر. فوالد الطفل الغريق كاتب أمانة الدمام عن مشكلة المياه الراكدة بجواره فكان الرد: - أن هناك خططا مجدولة لردم المستنقعات في المخطط. وقد رحل الطفل عبدالعزيز قبل أن تتم الأمانة جدولتها. ورد الأمانة يعني أن هناك العديد من المستنقعات التي ظلت مفتوحة على احتمالات متعددة انتهت بغرق طفل في مستنقع واحد؛ وبمعنى آخر أن الجدولة لا تتسق مع وجود خطر داهم، وكان من الأولى أن تنهض الأمانة بردم كل المستنقعات في يوم أو يومين لأن الجدولة تبقي احتمالية حدوث غرق قائمة في المستنقعات المنتظرة للردم. يمكن لغرق الطفل الشمري إلقاء اللوم على أمانة الدمام مباشرة، إذ تحمل سجلاتها التسبب بغرق (الطفلة فاطمة ذات الأعوام الخمسة إثر سقوطها في مستنقع مائي بجوار منزل أسرتها الكائن في الحي نفسه). وإذا كان والد الطفل الغريق يتساءل عمن يقاضيه في وفاة ابنه؟ تكون الإجابة مبصرة، فالمتسبب في وقوع الموت هي جهة حكومية تحمل سجل التسبب في غرق طفلين بسبب الإهمال أو عدم المبادرة في ردم فخاخ الموت التي تلتهم الأطفال. وإذا كانت الأمانات تتابع تحصيل الرسوم في كل الأمور المتعلقة بتقديم خدمة من خدماتها لمواطنين وتصر على استيفاء كل المخالفات فمن باب أولى أن تكون مسؤولة عن إهمالها (والذي يعد مخالفة) وتتحمل دية الطفلين الغريقين والحيثية الإهمال وعدم المبادرة في إزالة خطر داهم من خلال ردم المستنقعات. أعتقد أن على المحامين الوطنيين التبرع بمساندة والد الطفل الغريق وتقديم شكوى قضائية لمحكمة الدمام ومطالبة أمانة الدمام بدفع دية الطفلين الغريقين. أخيرا أن توزع المستنقعات حادث في كثير من المدن، فإذا لم تبادر الأمانات بردمها كأولوية فإننا سنسمع قريبا عن حوادث غرق أطفال آخرين. [email protected]