يصف الصينيون مدينة هانغتشو (شرق الصين) بأنها جنة على الأرض، إذ تجمع هذه المدينة بين الأناقة الكلاسيكية والحيوية الحديثة. واختارتها الحكومة الصينية بعناية لكي تكون موقعاً لاحتضان قمة العشرين وتهيئة الأجواء لإنجاحها لكي تخرج بقرارات لمصلحة شعوب العالم اقتصادياً، الأمر الذي يرفع سقف التوقعات من هذه القمة ال11 التي تعقد وسط إجراءات أمنية مشددة لم تشهدها مدينة هانغتشو من قبل، إذ أضحت المدينة ثكنة عسكرية بلباس مدني. وأوضح المنظمون أن الحكومة الصينية بذلت جهوداً مضنية استغرقت شهوراً عدة استعداداً للقمة. وأجرت إصلاحات وتغييرات جذرية من أجل ضمان انسيابية حركة المرور فيها، أجبرت السلطات أصنافاً معينة من المصانع تقع ضمن دائرة نصف قطرها 300 كيلومتر على إغلاق أبوابها لخفض ما تنفثه من دخان، وضمان جودة الهواء في المدينة أثناء انعقاد القمة. أول قمة لمجموعة العشرين عقدت في العاصمة الأمريكيةواشنطن عام 2008، حيث أنشئت آلية مجموعة العشرين، وأصبحت أهم منتدى عالمي للتعاون الاقتصادي العالمي. من 2008 إلى عام 2016، حدثت متغيرات متعددة في المحيط السياسي، وتحولت خلالها الصين من دولة مشاركة تقدم أطروحاتها بهدوء إلى دولة مضيفة تقوم بوضع الأساسيات الاقتصادية العالمية. وهذا يثبت أن الصين -أكبر دولة نامية- سوف تلعب دوراً أكثر أهمية وتاثيراً في دفع تنمية الاقتصاد العالمي. وتختلف آلية مجموعة العشرين عن آليات التعاون التقليدية، إذ تجتمع الدول المتقدمة والنامية لتناقش وتقرر معاً على قدم المساواة شؤون الاقتصاد الدولية، الأمر الذي يمثل تغيراً كبيراً لهيكل الاقتصاد العالمي، ويتفق مع تيار تطور العصر المعرفي الجديد، وأساليب الاستثمار الاقتصادية الرقمية. الصين المتحمسة لإطلاق القمة عبرت عن ترحيبها بشدة بالقادة المشاركين، لأنها تشعر بأن هناك فرصة تاريخية لطرح رؤيتها الاقتصادية، فضلاً عن وجود مؤشرات لتحوّل الاقتصاد العالمي مليئة بالفرص والتحديات لبناء نظام اقتصادي منفتح. واستعداداً للقمة قامت السلطات الصينية بتعليم عدد كبير من الصينين اللغة الإنجليزية، وأغلقت عشرات المصانع في المدينة، وأعطت الموظفين إجازات إجبارية لتخفيف الازدحام والاختناقات المرورية. وتطمح الحكومة الصينية إلى استغلال القمة من أجل طرح إستراتيجية شاملة للنمو الاقتصادي العالمي، ولكن قد تطغى عليه قضايا سياسية جانبية أخرى منها الصراعات الإقليمية والإجراءات الحمائية. وأوضحت الصين أنها لا تريد لهذه القضايا أن تخيم على أعمال القمة. وذكرت صحيفة ستادي تايمز الرسمية أخيراً أن الدول الغربية تحاول استبعاد الصين الصاعدة وحرمانها من الصوت الذي تستحقه على المسرح الدولي، وذلك عن طريق خطط مثل «الشراكة العابرة للمحيط الهادئ». وأضافت الصحيفة -وهي لسان حال مدرسة الحزب الشيوعي الصيني المركزية- أن الغرب «الذي يحاول استعادة حقه في حكم العالم، يقوم ببناء تحالف جديد يضع شروطاً جديدة تستثني الصين». وتحرص الحكومة الصينية على إنجاح القمة، والخروج بأقل الخسائر، واعتماد رؤيتها التي تتمحور في الابتكار والإبداع والترابط والشمولية في الاقتصاد العالمي.