تعد العلاقات السعودية - الصينية أنموذجاً للشراكة الإستراتيجية لتعزيز السلم والأمن في العالم ومعالجة الاضطرابات الإقليمية والدولية، وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين الرياضوبكين عام 1990 بعد اتفاق على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما وتبادل السفراء وتنظيم اجتماعات على المستويات السياسية والاقتصادية والشبابية وغيرها. وتأتي الزيارة الحالية لولي ولي العهد إلى الصين لتعطي دفعة قوية لعلاقات البلدين. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز زار الصين مرتين، الأولى عام 1999 حينما كان أميرا لمنطقة الرياض، والثانية 2014 حينما كان وليا للعهد، وأجري له حفل استقبال كبير في قاعة الشعب الكبرى في بكين. وأكد خادم الحرمين الشريفين في كلمة له خلال زيارته للصين عام 2014، أن هدف الزيارة هو الحرص على توثيق أواصر التعاون، وتعميق الحوار والتواصل، وتنمية علاقات البلدين الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والصناعية والثقافية والاستثمار والطاقة والتعاون الأمني. وفي يناير عام 2016، زار الرئيس شين جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية المملكة، وعقد الملك سلمان بن عبدالعزيز جلسة مباحثات معه، أكد خلالها الملك أن علاقات الصداقة بين البلدين شهدت نموا مطّردًا على مدى 25 عاما مضت، ويسعيان معا للاستقرار وتعزيز السلم والأمن في العالم. وجرى خلال الزيارة توقيع 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين، منها مذكرة تعزيز التعاون المشترك في شأن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن 21 والتعاون في الطاقة الإنتاجية، وقعها من الجانب السعودي ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز . وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز زار جمهورية الصين الشعبية في أكتوبر 1998 حينما كان وليا للعهد، والتقى حينئذ الرئيس الصيني (جيانج زمين) ورئيس الوزراء الصيني. وفي 1999 زار الرئيس الصيني المملكة، وزار الأمير سلطان بن عبدالعزيز الصين في أكتوبر 2000 وأجرى محادثات مهمة سياسية وإستراتيجية مع القادة الصينيين. وتبادل القادة وجهات النظر الخاصة بإقامة سلام دائم يقوم على العدل في المنطقة العربية، وعودة الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، وتحرير الأراضي المحتلة بما في ذلك القدس الشريف، كأساس وقاعدة لبناء سلام دائم وعادل يضمن عودة الاستقرار إلى هذا الجزء المهم من العالم. وحين زار وزير الخارجية الصيني لي زاو زنج المملكة في 8 سبتمبر 2004، اتفق الجانبان على بدء حوار سياسي منتظم، وتشكيل لجنة سعودية - صينية مشتركة برئاسة وزيري الخارجية في البلدين الصديقين. وزار الملك عبدالله بن عبدالعزيز الصين في 22 يناير 2006، وهذه أول زيارة يقوم بها ملك سعودي إلى الصين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1990، ووقع الملك عبدالله والرئيس الصيني هو جينتاو خمس اتفاقيات خاصة بالتعاون الاقتصادي والثقافي والعلمي المشترك، وبنودا خاصة بالتعاون في مجال النفط والغاز والمعادن. وفي 2006، زار الرئيس هو جينتاو رئيس جمهورية الصين الشعبية المملكة، ووقعت خلال الزيارة اتفاقية تعاون أمني بين البلدين، وعقد أنظمة دفاعية. وتمتد العلاقات بين البلدين لقرابة 75 عاما شاملة مختلف أوجه التعاون والتطور بدأت في شكل علاقات تجارية بسيطة واستقبال الحجاج الصينيين وصولا إلى شكلها الرسمي عام 1990 بعد اتفاق البلدين على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما وتبادل السفراء. وفي 2008 أعلن عن إقامة علاقات الصداقة الإستراتيجية بين البلدين وتطويرها بين الشعبين الصديقين وتعزيز التعاون الوثيق في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والإنسانية والعسكرية والأمنية والطاقة. شراكة إستراتيجية شاملة وشهد شهر ربيع الآخر من العام الجاري نموا وتقدما ملحوظا في العلاقات بين البلدين، حيث صدر بيان مشترك بينهما بشأن إقامة علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين، أكد فيه الجانبان على تطوير التعاون في المجالات الآتية: يتفق الجانبان على أنه في ظل التطور المستمر للتعددية القطبية في العالم والعولمة الاقتصادية يزداد الطابع الإستراتيجي والعالمي للعلاقات السعودية - الصينية يوما بعد يوم، وأصبح كلا البلدين شريكا مهما لبعضهما البعض على الساحة الدولية. كما يحرص الجانبان على تبادل الزيارات الرفيعة المستوى، وتعزيز التواصل الاستراتيجي حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إضافة للاهتمام بآليات التشاور بينهما في مختلف المجالات وعلى المستويات كافة. أبدى الجانبان رغبتهما في استمرار تعزيز علاقات التعاون في مجال الطاقة، وأكدا على أهمية استقرار السوق البترولية للاقتصاد العالمي، وأبدى الجانب الصيني تقديره للدور البارز للمملكة لضمان استقرار أسواق البترول العالمية. ويحرص الجانبان على مواصلة الالتزام بمبدأ المنفعة المتبادلة والكسب المشترك لإجراء التعاون العملي وتفعيل دور آلية اللجنة السعودية - الصينية المشتركة للتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والفنية، وذلك لإثراء مقومات التعاون باستمرار، وتوسيع الاستثمار المتبادل. يشدد الجانبان على رفضهما القاطع للإرهاب بجميع أشكاله وصوره التي تهدد السلام والاستقرار في شتى أنحاء العالم واستعدادهما لتعزيز التعاون الأمني في هذا الصدد. أجمع الجانبان على أن دفع السلام والاستقرار في الشرق الأوسط يتفق مع المصلحة المشتركة للمجتمع الدولي وهما على استعداد لتعزيز التواصل والتنسيق بشأن الأوضاع في المنطقة، بما يحقق الحلول السياسية للقضايا الساخنة، ويدعمان حق الدول بتقرير النظم والطرق التنموية التي تتناسب مع ظروفها الوطنية بإرادتها المستقلة، بما يحقق الاستقرار الدائم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. وشهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين الصديقين التوقيع على العديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات، وبلغ حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة 71.3 مليار دولار، وترتكز معظم صادرات المملكة إلى الصين في البترول. ويبلغ عدد المشاريع السعودية الصينية المشتركة 88 مشروعا، برأسمال مستثمر فيها بلغ 537 مليون دولار، كما تسهم الشركات الصينية في تطوير عدد من المشاريع في المملكة. ويرى وزير التجارة الصيني قاو هو تشنغ أن المملكة هي الشريك الرئيسي للصين في الشرق الأوسط ودول الخليج، مفيدا أنه مع نهاية العام 1435ه بلغ حجم الاستثمارات الصينية في المملكة 5,6 مليار دولار، وعدد الشركات الصينية العاملة في المملكة 150 شركة.