من مأمنه يؤتى الحذِر. هكذا يقول المثل العربي القح، أي أن الحذِر يؤخذ على حين غرة ممن لا يتوقع أن يكون مصدرا للخطر. ولأن الرياضة هي مهوى القلوب فكل عاشق تداخل مع تغريدة أشارت إلى أن بطل الدوري لهذا العام هو نادي الهلال. ومع بداية كل دوري ينهض التعصب الرياضي، وهو الداء الرابع من التعصب الذي يفت عضد المجتمع. وكل المقولات الداعية للتسامح والارتقاء التي تصب على نار التعصب لم تفلح في اجتثاث ضغينة المتعصبين، وكلما ظننا أننا قضينا على حرائقها إذ بألسنتها تتعالى مع أي حدث طارئ. ومن يتابع تعقيدات التعصب لدينا يظن أن الفرد منا متعصب بالفطرة، لكونه يتنقل بهذا التعصب في جميع مناحي الحياة، فتجده متعصبا لمذهبه أو قبيلته أو منطقته... وتتسع دوائر التعصب وتضيق وفق ثقافة الفرد، إلا أنها لا تتلاشى تماما إذ يبقى لكل فرد تعصبه الذي يتخلى فيه عن ثقافته وتسامحه ليعود رجلا جاهليا يفاخر ويحارب من يقف في الصف المقابل بكل الأسلحة التي يمتلكها سواء كانت أسلحة مهذبة أو أسلحة مدببة..ومشكلتنا أن من نحسبهم قدوة في التسامح وخلق الأعذار للآخرين هم من يقع في دائرة التعصب ولهذا ينتقل الداء مع أي رياح تهب. وكنت أقول دائما أن إشعال نار التعصب الرياضي يأتي من خلال أفواه المسؤولين عن الرياضة أو الكتاب عنها وفيها، وهاهي تغريدة الدكتور عبداللطيف بخاري تشعل ألسنة اللهب بين الجماهير المؤيدين والرافضين لتلك التغريدة التى زعمت وجود نية مبيتة لدى الاتحاد السعودي لكرة القدم في منح لقب بطولة دوري جميل للمحترفين إلى نادي الهلال. ومهما حدث من إجراءات لتلافي أثر التغريدة على الجماهير الرياضية إلا أن الانفجار قد حدث. ويزيد الطين بله أن التصريحات التالية للتغريدة التي لم تكن أقل وقعا منها شرقت وغربت في الشتائم المستترة، ولولا أن أصحاب الردود حافظوا على القليل من اللياقة فما حدث ردود فعل نقل خيالنا إلى أننا متواجدون في المقاهي الخلفية نتبادل (الشرتحة). نعم الدكتور بخاري أخطأ، ومع وجود الخطأ كان بالإمكان أن تترفع الردود وأن لا تنحدر إلى المسالك (الشوارعية) خصوصا إذا كانت الردود صادرة من شخصيات اعتبارية. أخيرا سوف يكون دوري جميل لهذا العام مصيدة لنادي الهلال، فإذا تقدم قيل صدقت التغريدة وسوف يكون تأخره نافيا لصحة التغريدة.. طبعا هذا ما سوف يجول في خواطر الجماهير الرياضية. المهم، كيف نستطيع تخفيف التعصب الرياضي بحيث لا يحملنا إلى ما لا نحب؟ [email protected]