أمام إحدى شاشات العرض العملاقة داخل مسرح كبير وسط العاصمة الرياض، يجلس رجال ونساء سعوديون، يشاهدون أحد الأفلام القصيرة، ومن خلفهم يقف مصورون صحفيون، وأعضاء من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كان هذا المشهد ضمن مهرجان «حكايا مسك»، الذي انطلقت فعالياته أمس الأول في مدينة الرياض ويستمر قرابة ستة أيام، وتنظمه مؤسسة مسك الخيرية، ويعنى بصناعة المحتوى بقيم ثقافية وعلمية لتحفيز الشباب على طرح أفكارهم والتعبير عنها من خلال أربعة أقسام إبداعية وهي: الكتابة، والرسم، وصناعة الأنميشن، واستديو الإنتاج. يقول الدكتور سعد الأسمري، وكان يشاهد الفيلم السعودي «ماطور»، إن المشهد في هذا المسرح الكبير يؤكد له أن السماح للسينما في السعودية بات مسألة وقت، إذ إن نسبة كبيرة من المجتمع أصبحت نظرتهم مختلفة لهذا النوع من الفن الذي تم تشويهه ومحاربته على مدى عقود وبنسبة كبيرة. ويؤكد الأسمري، وهو أكاديمي سعودي في إحدى الجامعات الحكومية، وحضر برفقة زوجته من أجل مشاهدة العروض المسرحية، ل «عكاظ» أمس، أن السماح بالسينما، سيضع حداً لآلاف الشباب الذين يقصدون يوميا بعض الدول المجاورة لمشاهدة أحدث الأفلام هناك، كما أنه سيوفر عائدا ماديا لا يستهان به. عِندما تتعطل الدراجة النارية التي يستقلها خليل ذهاباً، وعودته مِن العمل، يضطر لركوب السيارات العابرة، ومخالطة سائقيها، وركابها. فهل ذلك سيجعله يكسر طوق العزلة التي بناها حول نفسه؟ هكذا هي قصة الفيلم «ماطور». وهو من إنتاج سعودي لعام 2015، وعرض للمرة الأولى ضِمن برنامج المهر القصير، وتبلغ مدته 20 دقيقة. ومن إخراج الشاب السعودي محمد الهليل. ويشهد مهرجان «حكايا مسك» المقام في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، العديد من الأنشطة الثقافية والمعرفية، والترفيهية، ويوفر منصات تفاعلية عدة إبداعية. وبحسب مسؤولين في المهرجان فإنهم يهدفون إلى تنمية المهارات الكتابية، وصناعة الرسوم الكرتونية «الأنميشن»، والإنتاج المرئي، إلا أن أحد أبرز الأحداث التي ستحضر خلال الملتقى عرض ستة أفلام إبداعية تُعرض للمرة الأولى في السعودية، وتستلهم معظمها قصصا من داخل المجتمع السعودي. ومن المنتظر أن تلقى الأفلام القصيرة التي ستعرض خلال أيام الملتقى إقبالاً كبيراً من زواره إذ شهد نسخة العام الماضي نحو 60 ألف زائر، وتتفاوت الأفلام الإبداعية التي كتب قصصها، وأخرجها شباب وشابات سعوديون بين مناقشة قضايا المجتمع، أو تنمية المعارف لدى أفراده، وخصصت قاعات لعرض تلك الأفلام على مدار أيام الملتقى، وفق ضوابط ومعايير تراعي قيم المجتمع. ومنذ اليوم الأول لانطلاقتها، تقترب فعاليات «حكايا مسك» التي فتحت أبوابها أمس أمام الزوار، من تحقيق الرقم الذي تستهدفه والبالغ 100 ألف زائر، إذ أفادت الإحصاءات بتسجيل حضور 20 ألفا للفعاليات في أول أيامها، مع توقعات بأخذ هذا العدد نسقا متصاعدا خلال الأيام الخمسة المتبقية من عمر «حكايا مسك». وتضم قائمة الأفلام السينمائية التي سيتم عرضها تباعا خلال أيام الملتقى: الفيلم القصير «بسطة» للمخرجة هند الفهاد والذي يحكي قصة معاناة البائعات في الأسواق الشعبية، والصعوبات التي يواجهنها، كما تضم القائمة فيلم «شكوى» لهناء العمير، ومطب للمخرج محمد الشاهين، و«ماطور» للمخرج محمد الهليل، و«مشوار» ليعقوب المزروع.