إذا غادر نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن «المعتكف» دائما في الولاياتالمتحدة، فإن أمرا جللا يعتري السياسية الأمريكية ومهمة إستراتيجية منوطة بما يسميه الأمريكيون عقل الرئيس أوباما في السياسة الخارجية. يحط بايدن رحاله في أنقرة الأربعاء القادم، وسط توتر حاد في العلاقات التركية الأمريكية، على خلفية اتهام أنقرة فتح الله غولن (المقيم في ولاية بنسلفانيا) بتدبير محاولة الانقلاب في تركيا ومطالبتها الإدارة الأمريكية بتسليمه للقضاء التركي، الأمر الذي يستبعده مراقبون- على الأقل- لإبقاء شبح غولن يهيمن على أردوغان. وتأتي هذه الزيارة، بعد تغير قواعد اللعبة السياسية في الشرق الأوسط، الذي دشنته تركيا الشهر الجاري في أقل من أسبوع بمصالحة مع روسيا، دفن من خلالها حادثة إسقاط الطائرة الروسية على الحدود السورية العام الماضي، وعودة الدفء إلى العلاقات مع إسرائيل، وطي صفحة «مافي مرمرة» ب20 مليون دولار لعائلات ضحايا السفينة. انقلبت السياسة التركية كليا، بعد الانقلاب الذي لم تخف تركيا اتهامها للغرب بالضلوع في تدبيره، وغيرت قواعد التحالفات في المنطقة وحولت الأعداء إلى أصدقاء وعكست عقارب الساعة بالتصريح المفاجئ أمس الأول لرئيس الحكومة التركية بن علي يلدريم، قال فيه «إنه لا مانع من بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية». وهو ما يتماشى مع الرؤية الروسية لحل الأزمة السورية، إلا أن آليات وضمان رحيل الأسد ليس مطروحا للنقاش في الوقت الراهن. الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ذهب إلى أبعد من ذلك ليكمل دائرة «الدوران»، وانقلاب سياسته الخارجية رأسا على عقب، بزيارة مرتقبة إلى إيران الأسبوع الحالي، ولقاء نظيره حسن روحاني، في الوقت الذي يشهد فيه التنسيق الروسي الإيراني العسكري حيال سورية أعلى مستوياته بعد فتح إيران مطاراتها العسكرية في همدان أمام القاذفات الروسية لضرب الشمال السوري. في ظل هذه المتغيرات الإقليمية، دخل بشار الأسد على الخط بمغازلة أنقرة عبر البوابة الكردية، وللمرة الأولى منذ بداية الثورة السورية يقصف طيران النظام السوري مناطق خاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب «الكردية» الذي تعتبره تركيا فصيلا إرهابيا تابعا لحزب العمال الكردستاني، الأمر الذي يشير إلى تغير قواعد الاشتباك على الأرض. !!Article.extended.picture_caption!!