أجمع اقتصاديون على أنه توجد أربعة خيارات يمكن الاتجاه لها لتعزيز سعر الريال أمام الدولار الأمريكي، ومنها إصدار سندات وتفعيل الخصخصة وضبط الإنفاق مع التوسع في المشاريع الصغيرة والمتوسطة لدعم خطط التوطين، في ضوء تصريحات محافظ مؤسسة النقد الأخيرة التي أكد خلالها استمرار ارتباط سعر صرف الريال بالدولار الأمريكي والثقة في الاقتصاد السعودي وقدرته على تجاوز أزمة أسعار النفط حاليا. واقترح المحلل المالي هاني باعثمان عدة خيارات أمام مؤسسة النقد ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ومن بينها إصدار سندات مقومة بالدولار لدعم الميزانية، والتوجه نحو تفعيل الخصخصة لبعض الأصول الحكومية، وهي الخيارات التي اتجهت لها الدولة من أجل تخفيف العبء على الميزانية، وضبط الإنفاق الحكومي، لاسيما بشأن مشاريع البنية التحتية التي خصصت أموالا كبيرة لها طوال السنوات العشر السابقة سواء من داخل الميزانية عبر الإنفاق الرأسمالي أو الإنفاق من الفائض المالي الذي تكون على خلفية الارتفاعات في أسعار النفط. وشدد على أن المرحلة القادمة ستشهد إعادة هيكلة كاملة لجوانب الإنفاق في الميزانية وأن تكون الأولوية لعشرات المشاريع المتأخرة والمتعثرة منذ سنوات طويلة. ودعا إلى ضرورة المضي قدما نحو تحسين الاستفادة من إمكانات القطاع الخاص بتوسيع شراكته مع القطاع الحكومي، مع توسع البنوك في المشاريع الصغيرة والمتوسطة كرافد أساسي لدعم خطط التوطين. وقال رئيس مركز استشارات الجدوى الاقتصادية الدكتور محمد محمود شمس: «تكثر الأقاويل والاقتراحات المطالبة بخفض سعر الريال مقابل الدولار بافتراض أن هذا سيؤدي إلى زيادة السيولة النقدية وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، ولا شك أن ذلك يغفل وضع التركيبة الاقتصادية لمكونات الناتج الوطني الإجمالي للاقتصاد السعودي الذي يتكون معظم استهلاكة من السلع والخدمات من الواردات الأجنبية؛ لذا فانخفاض سعر الريال يعني زيادة عدد الريالات لكل دولار، فإذا كنا نستورد كيلو الأرز بدولار مثلا أي بسعر 3.75 ريال فإن انخفاض سعر الريال بنحو نصف ريال مثلا فسيكون سعره 4.25 ريال، وإذا طبقنا هذا السعر الجديد على جميع الواردات من الخارج فالنتيجة هي ارتفاع كبير في أسعار الواردات من السلع والخدمات وكذلك أسعار السلع والخدمات المصنعة محليا». وأكد شمس أن قيمة استهلاك السلع والخدمات خلال عام 2015 التي تمثل 59 % من الناتج الوطني تبلغ نحو 1.6 تريليون ريال، ومعظم هذا الاستهلاك يأتي من الواردات التي بلغت قيمتها في عام 2015، نحو 958 مليار ريال أي 255 مليار دولار، وأن انخفاض سعر الريال سيؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه الواردات، بما سيؤدي إلى ارتفاع كبير في معدل التضخم. وأضاف: «من يزعم أن انخفاض سعر الريال مقابل الدولار سيسبب زيادة في السيولة النقدية فالرد عليه بالقول إن ارتفاع معدل التضخم سينتج عنه انكماش كبير في القوة الشرائية لهذه السيولة النقدية، إضافة إلى أن نسبة الزيادة في السيولة النقدية الناجمة عن انخفاض سعر الريال مقابل الدولار لن يقابلها زيادة في الناتج الوطني في المدى القصير والمتوسط، الأمر الذي يضاعف الارتفاع في معدل التضخم ويزيد من تقلص القوة الشرائية للريال ويبعد المستثمرين المحليين والأجانب عن الاستثمار في الاقتصاد السعودي». وتابع: «إن انخفاض سعر الريال سيضر بسوق الأسهم السعودية لأنه سيؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم وتخفيض القوة الشرائية لأرباح المساهمين وتقليل أسعار الأسهم، ما يقلل التأثير الإيجابي لدور الأرباح في رفع المستوى المعيشي للمساهمين. مشيرا إلى أن انخفاض سعر الريال سيزيد من أسعار الصادرات غير البترولية ويجعلها أقل تنافسية في الأسواق العالمية؛ لأن معظم الصادرات غير البترولية تعتمد في تصنيعها محليا على مواد أولية ووسيطة مستوردة، وكذلك تعتمد على عمالة مستوردة وفي جميع هذه الحالات فإن معدل التضخم سيؤثر سلبا عليها.