كانت الضربة الجوية الأمريكية التي قتلت قائد تنظيم داعش في أفغانستانوباكستان بطائرة بدون طيار أحدث لطمة توجه لطموحات التنظيم، الذي يتحرك انطلاقا من الشرق الأوسط للتوسع في منطقة لا تزال حركة طالبان القوة المهيمنة فيها. داعش، صاحبة نظرية «باقية وتتمدد» أغرت المئات وربما الآلاف من المقاتلين الإرهابيين في أفغانستانوباكستان على مبايعتها، بل وسيطرت على مساحة صغيرة من الأرض في إقليم ننكرهار في شرق أفغانستان، إذ سقط زعيمها حافظ سعيد خان قتيلا في الضربة الجوية الأمريكية أخيرا. غير أن مسؤولين ومحللين أمنيين يقولون، إن التنظيم لا يزال خارج هذا الجيب الصغير مجرد اسم أكثر منه قوة مسلحة متماسكة في معظم أنحاء تلك المنطقة. وقال مسؤول في الشرطة الباكستانية بمدينة إسلام آباد -مشترطا إخفاء هويته لأنه غير مخول سلطة الحديث لوسائل الإعلام-، «الجماعات في مختلف أرجاء العالم تريد القفز إلى تلك العربة والاستفادة من شعبيتها وما تبثه في النفوس من خوف». وفي الشهر الأخير اكتسبت المخاوف قوة جديدة بعد أن أعلنت «ولاية خراسان» التابعة لداعش في أفغانستانوباكستان مسؤوليتها عن تفجيرين دمويين أسفرا عن سقوط أكثر من 70 قتيلا، أحدهما في كابول والثاني في كويتا بجنوب غربي باكستان الأسبوع الماضي. ومع ذلك فقد أثار المسؤولون الباكستانيون والمحللون المستقلون الشكوك في ما أعلنه تنظيم «داعش»، خصوصا في ما يتعلق بتفجير كويتا، وقالوا، إن إعلان المسؤولية الأكثر مصداقية عن الهجوم الانتحاري الذي وقع في مستشفى هو على الأرجح ما صدر عن جماعة الأحرار المنشقة على حركة طالبان. وقال مايكل كوجلمان محلل شؤون جنوب آسيا في مركز وودرو ويلسون للأبحاث في الولاياتالمتحدة، «إن تنظيم داعش يتخذ على نحو متزايد وضع الدفاع وهو يكافح للدفاع عن دولة الخلافة المزعومة الآخذة في التقلص في العراق وسورية، ولذلك فإن أمامه حافزا لإظهار أنه ما زال موجودا على الساحة بإعلان مسؤوليته عن عملية لم ينفذها». وفي واقع الأمر أعلنت جماعة الأحرار في وقت من الأوقات مبايعة البغدادي زعيم التنظيم في عام 2014 خلال خلاف مع قيادة حركة طالبان الباكستانية. وعندما أعلنت القيادة المركزية لتنظيم داعش مسؤوليتها عن تفجير كويتا أصدرت بيانات باللغات العربية والإنجليزية والأردية المستخدمة في باكستان. وباسم «خراسان»، أهمية خاصة في فكر التنظيم، لأنه يشير إلى منطقة تاريخية تشمل جانبا كبيرا من إيران الحالية وأفغانستانوباكستان. ونظرا لوجود عشرات من الفصائل التي تربطها تحالفات فضفاضة في أفغانستانوباكستان، فإن المنطقة مؤهلة للتحولات الجاهزة في الولاءات. وشرح كوجلمان من مركز ويلسون الفرق بين إغراء اسم داعش في أفغانستانوباكستان وبينه في مناطق أخرى من العالم فقال «في أوروبا لن يجد الساخطون والمستاؤون بين الإرهابيين المحليين الكثير من الخيارات المغرية في بلادهم. وهذا ما يدفعهم للقيام بالرحلة إلى الشرق الأوسط للانضمام لصفوف تنظيم داعش». أما في باكستانوأفغانستان فالوضع مختلف، إذ يقول إن من اعتنق الأفكار المتطرفة حديثا ويبحث عن الانتماء لفصيل فليس ثمة ما يدعو إلى انجذابه لداعش، لأن الخيارات الأخرى أمامه كثيرة».