أثارت تغريدة كتبها الشيخ سعود الشريم جدلا واسعا في مشاركة له حول موضوع يطالب بإسقاط الولاية عن المرأة، حيث وضع فضيلته (القوامة والولاية) في سياق واحد يظهر منه توظيفهما لمعنى واحد، وذكر بأنهما تحقيق لشرع الله، كان ذلك اجتهادا منه دون توضيح للفرق بين الأمرين، وقد يلتبس فهمه عند البعض لذلك وجب التوضيح. لا يمكن أن يوضع مفهوم القوامة كمرادف لمفهوم الولاية على المرأة، فلم يأت في شرع الله نص واحد يلزم أن تعامل المرأة كالقاصر وناقص الأهلية حتى تكون بحاجة لمن يتولى أمرها، كذلك القوامة التي ارتبطت بشرط الإنفاق وكفعل ودي وأخلاقي بما تستوجبه من الاعتناء والرعاية، والذي يحدث منذ زمن هو أن تمكين الولاية على المرأة نظاميا بمبرر القوامة جردها من معناها الأخلاقي وأفقد المرأة حقها الإنساني بل وأفضى للتضييق على حياتها بتمكين السيطرة والتحكم في قراراتها واختياراتها، فهي لا تستطيع أن تأخذ قرارا لنفسها دون الرجوع إلى وليها، وإن انعدم وجود الولي أو سقطت أهليته ناب عنه القاضي في ولاية الأمر، والمهم ألا تتولى أمر نفسها بنفسها، ذلك تغييب متعمد لعقل المرأة وأهليتها مما جعلها تضيع بين هذه التعقيدات، فلا تحضر الضوابط الشرعية بإلحاح إلا في أمر تحضر فيه المرأة!. لو أتينا للأسباب التي تجعل إسقاط الولاية مطلبا عند المطالبات بها في كل مرة، فلن نجد أن العامل الودي والإنساني بين المتفقين على سعادة حياتهم دافعا لذلك، وإنما كثرة المشكلات والتعسف والعنف في حق النساء الذي يستوجب حله بتعديل قانون الأحوال الشخصية، ولم تجد فيه الفتوى والأساليب الوعظية، وحينما يقع الضرر والظلم في هذه الحالة فإننا سنطالب بتغيير النظام الذي سببها، فليس من الحق أن يوضع نظام بحق المرأة وهي تضرر منه في الوقت نفسه. في عام 2015، سجلت المحاكم السعودية أكثر من 11 ألف دعوى طلب نفقة وهذا خلال عام واحد فقط، فلا يستحق هؤلاء قوامة ولا ولاية، ولن تنفعهم موعظة الشيخ في حسن التعامل ولن تغير منهم ولا من غيرهم، بل إن النظام الذي أعطاهم الصلاحيات المطلقة ومكنهم من انتهاك حقوق النساء جعلهم الطرف المتسبب في كل المشاكل التي أصبحت عبئا على المحاكم والقضاة وبلغت 70% من إجمالي القضايا بنهاية العام الماضي، ومن يبحث في إحصائيات العدل سيجد أن قضايا العضل والطلاق مع الحرمان من الحضانة والنفقة وسوء المعاملة وأنواع صور الظلم تملأ الأدراج والأرفف، فيما أن الرجل يأخذ حقوقه تلقائيا دون أن يتكبد عناء الركض في المحاكم، بينما المرأة تستجدي حقها في كل صغيرة وكبيرة. هذه ليست دعوة للتمرد النسائي، وإنما للموازنة وتحقيق شرع الله وإعطاء كل ذي حق حقه.