لم يُكتب لزوبعة الأوراق ال28 النجاح في النيل من العلاقات الأمريكية السعودية، لتذهب الأوراق المفبركة إلى مزبلة التاريخ إلى غير رجعة، مهزومة أمام متانة العلاقات بين البلدين التي بلغت حتى اليوم أكثر من ستين عاما من التحالف والصداقة أرسى دعائمها لقاء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود مع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت على متن طراد يو اس اس كوينسي (CA-71). لقد مثلت زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعد خطة «الرؤية» التي باتت ثقافة الشعب السعودي، إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية الشهر الماضي، رؤية بحد ذاتها لتؤكد أن العلاقة الأمريكية - السعودية كانت وما تزال القاعدة الثابتة في السياسة السعودية، وأخذت هذه الزيارة أبعادا سياسية واقتصادية وجوانب أخرى، أثبتت أن هذه العلاقة أكثر متانة مما يعتقد الآخرون والمتربصون، خصوصا أن الرئيس باراك أوباما استقبل الأمير محمد بن سلمان بحفاوة الرؤساء في إشارة إلى أهمية الزائر والبلد الذي يمثله. وأجرى الأمير الشاب لقاءات مع صناع القرار الأمريكي ليؤكد أن التاريخ مازال راسخا، متطلعا إلى المستقبل الواعد المليء بالطموحات. وبغض النظر عن بعض التباينات في المواقف الخليجية الأمريكية عموما من الملف النووي الإيراني، إلا أن تاريخ هذه العلاقات لا يسمح بالتباعد، فالرئيس الأمريكي باراك أوباما زار السعودية خلال فترته الرئاسية أربع مرات التقى فيها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز مرتين، بالإضافة إلى لقاءين مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مؤكدا على ثوابت هذه العلاقات في كل المراحل والظروف. «يكبو الحصان.. لكنه لا يسقط»، تلك هي العلاقة الأمريكية السعودية التي ترتكز على ركائز سياسية وتاريخية وأمنية، ولعل سقوط ورقة التوت عن الأوراق ال28 وظهور الحقيقة جلية أمام الرأي العام الأمريكي أن أيادي السعودية البيضاء لا يمكن تدنيسها بأحداث 11 سبتمبر، دفع عديد الأمريكيين إلى تمتين هذه العلاقات في ظل التهديدات الإرهابية للمنطقة والعالم. إن التوافق الأمريكي السعودي حول الوضع في اليمن ودعمها للتحالف العربي المؤيد للشرعية وتطابق المواقف إلى حد بعيد حول الأزمة السورية وعدم قبول بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، دليل على ارتقاء هذه العلاقات نحو المزيد من التنسيق. لقد حرصت السعودية بالطرق الديبلوماسية الحكيمة، على تفتيت مزاعم الأوراق ال28 حتى لا تنتهي فترة الرئيس باراك أوباما بأدنى درجات التوتر مع الصديقة السعودية، فالسفينة مازالت مبحرة في العواصف، والأشرعة التي بنتها الرياض وواشنطن أقوى من أن تغير مسارها الرياح.