أنقره - أ ف ب - دخلت الأزمة بين الجيش والحكومة في تركيا على خلفية الخطة المزعومة لانقلاب عسكري للاطاحة بالحزب الحاكم، مرحلة جديدة من التصعيد، إذ هدد قائد الجيش التركي الجنرال ايلكر باشبوغ بأن المؤسسة العسكرية «لن تقف متفرجة» أمام «حملة تشهير منظمة ومتفاقمة» تمس وجود الدولة التركية، مطالباً بوضع حد للجدل حول المؤامرة المفترضة. إلا أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لم يبد استعداداً للتراجع، وقال من بروكسل حيث يقوم بزيارة عمل يحاول فيها تحريك مفاوضات دخول بلاده في الاتحاد الأوروبي، إن «القضاء المدني سيحقق في هذه القضية (مؤامرة الانقلاب) وكذلك مجلس الوزراء»، بحسب وكالة أنباء الأناضول. وأضاف: «لن نسمح بالتلاعب بالديموقراطية». يذكر أن اتهمامات وُجهت إلى عدد من العسكريين في الخدمة وآخرين متقاعدين منذ حزيران (يونيو) عام 2007 في اطار التحقيق في قضية ارغينيكون. كما حُوكم عدد كبير من معارضي حزب «العدالة والتنمية» منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في القضية ذاتها. وخلال مؤتمر صحافي حضره كبار مسؤولي الجيش التركي الذي أطاح بأربع حكومات منتخبة منذ 1960، صرح الجنرال باشبوغ: «فيما تجري أحداث مهمة حول العالم، ولا سيما في ايران... استهلكت تركيا من غير جدوى كثيراً من الطاقة حول قصاصة ورقة». وكانت صحيفة «طرف» الليبرالية التي تنتقد الجيش بإنتظام، نشرت أخيراً وثيقة يفترض أنها تعود إلى كولونيل في رئاسة الأركان وتحوي خطة لزعزعة حكم حزب «العدالة والتنمية» الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان. وذكّر الجنرال بأن القضاء العسكري خلص الى أن الوثيقة مزورة، وشدد على أن الجيش «لن يقف متفرجاً» أمام «حملة تشهير منظمة ومتفاقمة». وقال رئيس الأركان بنبرة حادة «نحن مؤسسة متمسكة بالدستور ولن نسمح لأحد في صفوفنا بالضلوع في نشاطات غير قانونية». وكانت هذه الوثيقة أثارت عند نشرها جدلاً حاداً في البلاد. وأفادت «طرف» أن المخطط هو رد على التحقيق في شبكة «ارغينيكون» المتهمة بالسعي الى اشاعة التوتر في المجتمع التركي لانشاء ظروف مواتية لانقلاب عسكري يطيح بحزب «العدالة والتنمية» من السلطة. ولم يبد أردوغان راضياً بقرار القضاء العسكري، إذ رفع حزبه دعوة أمام القضاء المدني في خصوص المخطط، وشدد على وجوب «القيام بكل ما يمكن» لكشف الحقيقة في هذه القضية. لكن باشبوغ أكد أنه «لا يفهم» وجهة نظر رئيس الوزراء، مشيراً الى أن السلطات العسكرية فعلت كل ما يمكنها حيال الوثيقة. وفي السياق ذاته، هدد الجنرال كنعان ايفرين قائد الانقلاب العسكري العام 1980 بالإنتحار في حال قررت السلطات السياسية الحالية التي تبحث في احتمال محاكمته تنفيذ ذلك. وصرح ايفرين لصحيفة «حريت» التركية: «فليسألوا الشعب. لينظموا استفتاء. إذا أعرب الشعب التركي عن تأييده محاكمة، فلن يسعني أن أحيا مع هذا العار، وأعد الجميع بأنني سأنتحر». وجاء كلام ايفرين الذي يبلغ (92 عاماً)، رداً على جدل سياسي حول تعديل الدستور لمحاكمة المخططين للانقلاب العسكري في أيلول (سبتمبر) العام 1980، وهو الثالث والأخير في تاريخ تركيا. وينص بند موقت في دستور العام 1982 الذي صيغ بإشراف العسكريين، على حظر محاكمة المسؤولين عن تنفيذ إنقلاب. وقال الجنرال إن «هذا الدستور أُقر باستفتاء ونال تأييد 92 في المئة من الأصوات»، وأكد أن الجيش تدخل لانهاء فترة من «الفوضى» في تركيا التي كانت تشهد سقوط عشرات القتلى يومياً في مواجهات مسلحة بين اليسار واليمين في البلاد. وكان مسؤولون في حزب «العدالة والتنمية» (منبثق من التيار الاسلامي) الحاكم وحزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري (يسار وسط)، التقوا يوم الأربعاء الماضي لتبادل الأفكار حول مشروع تعديل دستوري. ورأى خبراء أن احتمال المحاكمة قد يطاول، إضافة الى الجنرالات الانقلابيين، مسؤولين شاركوا العام 1982 في حكومة شكلها العسكريون والأحياء من أعضاء المجلس الاستشاري الذي مهد للعودة إلى الديموقراطية العام 1983.