يشير تقرير وزارة الحج والعمرة إلى أن عدد المعتمرين من خارج المملكة قد بلغ 6.4 مليون معتمر لهذا العام، وهو عدد أراه أقل من المتوسط (خصوصا في ضوء التوسعات الجديدة)، ولو افترضنا أن فترة العمرة من الخارج ثمانية شهور، فإن متوسط الشهر يبلغ هنا 800 ألف معتمر شهريا، ولأن منسك العمرة لا يحتاج لأكثر من يوم - بل لساعات قليلة - فإن متوسط عدد المعتمرين يبلغ هنا 266666 معتمرا في اليوم الواحد، وهو ما يوازي طاقة صحن الطواف (الجديد) لمدة 17 دقيقة فقط، ويتبقى هنا طاقة الوحدات السكنية المتاحة التي تفوق هذا العدد بكثير، وهذا يشير إلى أن ثمة طاقة فائضة في الحرم والسكن والخدمات المتاحة يفترض استيعابها. رؤية 2030 تشير إلى أن هذا العدد سوف يرتفع عام 1442 إلى 15 مليون معتمر، وعلى رغم كون هذا الرقم يشكل أكثر من ضعف الرقم الحالي إلاّ أنه يظل رقماً منطقياً جداً - على رغم تحديات تحقيقه إجرائيا - إذا ما علمنا بأن الخدمات اللوجستية سوف تتضاعف في ذلك التاريخ. لكن - وبصرف النظر عن العدد - دعونا نتحدث عن اقتصاديات هذه الشعيرة، فالحكومة مثلا لا تحصل على رسوم مقابل التأشيرات وهي سابقة دولية، على رغم أنها تمتلك «وكالة حصرية» عليها، وعلى رغم أن الوكلاء وأصحاب المكاتب في الخارج يحصلون على 300-400 ريال من المعتمرين مقابل الحصول على التأشيرة، الأمر الثاني أن بعض الدول استفادت من العمرة وهي في مكانها، ففرضت الرسوم على المعتمرين من رعاياها، إذ يتم تحصيلها من وكلاء السفر الذين يضيفونها على فاتورة المعتمر، بينما البلد المستضيف الذي يقدم هذه الخدمات يتعفف عن هذه الرسوم، في الوقت الذي نجد في بلدان مجاورة ليس فيها أماكن مقدسة ولا خدمات حصرية تفرض على الزائر - بما في ذلك المواطن الخليجي - 10 % ضريبة للمدينة، و10 % ضريبة للبلدية، ومبلغا مقطوعا (20-12 ريالا) ضريبة لقطاع السياحة، وكلها تضاف مباشرة على فاتورة الفندق. كلنا ينادي بزيادة عدد المعتمرين، لكن هل ثمة مكاسب مباشرة؟ وكم مردود هذه المكاسب غير المباشرة؟ خصوصا أنها غير محسوبة ولا معلومة - بالنسبة لي على الأقل - بمعنى كم متوسط فترة بقاء المعتمر في البلد؟ وكم نصيبه من الإنفاق؟ وهو ما يحتم في ضوء هذه الرؤية عدم الارتهان إلى الماضي وإنتاج سياسات وإجراءات جديدة وعمل حسابات دقيقة، وهل هي خدمة أم اقتصاد؟.