لا يختلف اثنان على جمال القصيدة التي يكتبها الشاعر السعودي فهد عافت، لكنهما لا يتفقان على تصنيفه الثقافي، بينما يدرجه الميزان الأدبي الحقيقي في خانة الشعراء الشعبيين، حتى لو غضب محبوه ومريدوه. ويقول عافت عن بدايته الشعرية في برنامج «ياهلا رمضان» عبر «روتانا خليجية» أخيرا: «أنا مدان بالفضل إلى الكاتب والأديب سليمان الفليح رحمه الله، الذي أعتبره الأستاذ الأول في الشعر، كونه تبناني بعد الثانوية وعرّفني على أحمد الربعي الذي تبناني أيضاً»، لافتاً إلى أن تجاهه للصحافة كان من أجل البحث عن عمل، ولم يخرج من الكويت بسبب قصيدة «تبت يدا أبي لهب» على رغم التحقيق معه حولها، ولكن خرج من أجل البحث عن الجنسية. وتجربة عافت في كتابة الشعر النبطي مليئة بالجمال والخيال، وينقل المتلقي إلى واقع آخر، كونه يوظف مفردته الشعرية بطريقة لا يكتبها سواه، ويرسم صورةً مختلفة عما يكتبه زملاؤه، ويكتب حالياً مقاله بهدوء وود، على العكس تماماً من فترات سابقة، حينما كان يحول قلمه إلى سيف في وجه خصومه، لكنها فترة «طيشٍ» صحفي تمر على كل أبناء مهنة المتاعب، بيد أنه محفّز للإبداع بحسب ما ذكره من عمل تحت إدارته إبان ترؤسه لعدد من المجلات الشعرية، وكلماته وقود للشعراء الشعبيين الشبان، الذين يرون فيه قدوة ورمزا شعريا. ويشدد عافت على أن حقبة الصحافة كانت تتطلب الكتابة منه في كل شيء، وحينما أصبح كاتباً لم يعد يكتب إلا ما يعجبه. وبعد المسيرة الطويلة لعافت لا يزال يجلس على عرش القصيدة الشعبية، ولم يتخل عنه وينتقل إلى مرحلة جديدة أسوة بآخرين، وظل متمسكاً بقمة ساحة الشعر النبطي، التي هجرها معظم أبناء جيله أو الذين تتلمذوا على يده إلى آفاق الثقافة الحقيقية والمعترك الفكري، وأصبحوا ذا باعٍ طويل في الرواية والشعر الفصيح والكتابة القصصية والدرامية، ومنهم خلف الحربي وعلي المسعودي وعبدالله ناصر وعواض العصيمي وميسر الشمري. وعلى رغم الصيت الشعري الهائل في الساحة الشعبية لفهد عافت إلا أنه لم ينخرط في ركب الثقافة، ومواكبة التحول الفكري لزملائه، الذين تجاوزا مرحلة الشعر الشعبي (الأقل مستوى في المجال الأدبي)، بينما لايزال يراه الشعراء العاميون «مثقفاً» من وجهة نظرهم، في الوقت الذي لا يحمل سجله مؤلفات أدبية، سوى قصائد نبطية مليئة بالمفردات الجميلة والمميزة نشرها عبر الصحف والمجلات، لكنها في الحقيقة لا تلبسه بردة الثقافة، وتزج به إلى السجال مع المثقفين السعوديين.