لا أدري لماذا اتصلت يوم الخميس 26 شعبان بالدكتور محمد القنيبط في الساعات الأولى لإصابة والدي (رحمه الله) بنوبة قلبية حادة. نعم، أعلم جيدا أن الوالد كان يَفَرح كثيراً بزياراته المتقطِّعَة لمجلسه الأسبوعي بعد صلاة العشاء يوم الجمعة (السبت)، ويُحاوِره في مقالاته أو أنشطته الإعلامية. كذلك لا يُفسِّر سرعة اتصالي به كوني مُتابعاً جيداً لأغلب أنشطته الإعلامية، أو متابعته في «تويتر» للاستفادة من المقالات التي يقرأها ويضعها في الوسم #قرأت_لكم. من جانب آخر، فيصعب الحديث عن مُعاناتي كَشاب غَضّ خلال سبعة أيام فَصَلَت بين إصابة الوالد (رحمه الله) بنوبة قلبية وبين لقائه بارئه، حيث كان الأطباء ينوون إجراء عملية تركيب صمام قلب حالما يستقر وضعه. وقد كان الدكتور محمد يراسلني مستفسراً عن وضع الوالد، حيث أرسل مساء الأربعاء 3 رمضان رسالة يستفسر بها عن الوضع الصحي للوالد، فكتبت له: «عَظَّم الله أجرك يا عَمّ، لقد ذَهَبَ مع غياب الشمس». فرَدّ علي برسالة قصيرة قال فيها: «عَظَّمَ الله أجركم وأجْرنا جميعاً في وفاة معالي الوالد والأخ والأستاذ «أبو باسل» الدكتور سليمان السليم، تغَمَّده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جٍنانه وألهَمَكُم الصبر والسلوان». لا أدري كيف انقضت الساعات المتبقية من يوم ذلك الأربعاء الحزين جداً علينا، لا أراكم الله أي مكروه في عزيز لكم. ولكن بعد العُسر يُسر، على الأقل نفسياً. فحين فتحت الجوال صباح يوم الخميس 4 رمضان، وَجَدت رسالة من الدكتور محمد قد تكون رسالة عادية للبعض، وقد تكون تكراراً لرسائل مماثلة في مواقف مُشابهة. ولكنها بالنسبة لي كانت أكثر من رسالة مواساة، حيث قد تستغربون لو قلت لكم إنَّي قرأتها أكثر من ثلاثين مَرَّة، ولم أَمَلّ من قراءتها حتى الآن. لا أطلب منكم أنْ تُحِبون أو تُعْجَبون برسالة الدكتور محمد كما أحببتها، ولكني وددت بهذا المقال القصير توضيح أنَّ بعض الأشياء الصغيرة التي نقوم بها للآخرين قد يكون لها مفعولاً عظيماً لا نتخيَّله. لذلك، لا تَبخلوا على من تُحِبون بالوقوف إلى جانبهم عندما يَمُرّون بمواقف صَعبَة جداً، ولو برسالة جوال قصيرة، رَحِمَ الله والدي ووالديكم. أترُككم الآن مع رسالة العَمّ الدكتور محمد القنيبط، وأعتذر لكم عن الإطالة، كما اعتَذَرَ مني - سامحه الله - في رسالته الغالية جداً. «الابن الغالي عبدالعزيز: فَقدْ أي شخص قريب من القلب لا يستطيع أنْ يَصِفه سوى الشخص الفاقِد، وليس الشخص المُراقِب. لذلك، لا أستطيع أنْ أصِف حجم ومقدار الألم الذي تَمُرّونَ به، خاصةً كون الفقيد الغالي «أبو باسل» رجل نادر جداً، وكامل جداً من جميع الزوايا، رحمه الله. ولكن عزاؤنا الوحيد، وكما كَتَبتَ أنت «أنَّه ذَهَبَ إلى بارئه بسلام». فلم يَحتَج لِشَفَقَة أحد، ولم يُشفِق عليه أحد لحالته الصحية. بَل وَدَّعَنا مَرفوع الرَّأس، عَزيزاً كما عَرَفناه؛ تَغمَّده الله بواسع رحمته. نعم، هذا هو عزاؤنا في والدك وأخي وأستاذي وقدوتي «أبو باسل». عزاؤنا في فَقدِه أنَّه رَحل بسرعة، كما أجبرنا على مَحبَّتِه واحترامه بسرعة. والله نسأل أنْ يَجمعنا به في جَنَّات الفردوس، وإنا لله وإنا إليه راجعون. واعتذر عن الإطالة». عبدالعزيز سليمان السليم