خمسة أيام فقط كانت كافية ليملأ ناصر القصبي رمضان ضجيجا وحضورا، وقد ألقى كومة أحجار في مساحات كبيرة لمياه راكدة كانت بحاجة إلى مزعزع لما وقع فيها وطفا إلى سطحها، حرك بها سيلا من الجدل التفاعلي يتنامى صداه يوما عن آخر ومنذ اليوم الأول للشهر الفضيل، إذ لم يكد صدى حلقته الأولى من سيلفي يستقر، حتى دوت بقية الحلقات بجملة من المواضيع الحساسة التي تلامس مجتمعنا بشكل أو بآخر. يمكن القول إن ناصر قد غرد خارج السرب بعد أن تماهى ألقه بين أروقة الفضائيات ونوافذ تويتر، مرسخا حضورا استثنائيا في ذاكرة المشاهد الخليجي، الذي بات يتلهف لجديده المختلف سيما بعد أن علق الجرس مبكرا على مواضيع حساسة ودقيقة. غير أن القصبي في خضم ذلك أطل بشفافية واثقة تدفقت في «الشريان» على نحو غير مسبوق، وأشاحت الغموض عن حياة أشهر نجم في تاريخ الكوميديا السعودية وعن تفاصيل دقيقة لم تكن معلومة لدى كثيرين من عشاقه على أقل تقدير. نجح داوود في أن يطوع صداقته بالقصبي في سبر أغوار حياته الخاصة وفي التعريج على زاوية جديدة لم يتناولها الإعلام بشكل أو بآخر، غير أن القصبي أجاد بذكاء استثمار ذلك في التلاعب بمقامات الحوار بين التشويق والهدوء تارة، والتصعيد والضرب على الوتر الحساس تارة أخرى. عرف جمهور القصبي طفولة «نويصر» وشبابه ورؤيته للحياة منذ كان صغيرا، فكان فخورا بأن صقلته مراحله العمرية والتنوع الاجتماعي الذي ارتكز عليه بعد أن ذاع صيته وعلا نجمه فعبر عنه برؤى مختلفة ومن زوايا متعددة. أما وقد طوى القصبي عامه الخامس من دون رفيقه عبدالله السدحان، الذي يبدو أنه الخاسر الأكبر في فض توأمة طاش، فقد نجح في الخروج من قمقم أشهر مسلسل سعودي بعمل وضعه في واجهة الأحداث في موسمين متتاليين، وتحرر من رتابة المواضيع فأجاد فعلا الضرب على الوتر الحساس بأسلوب مميز وممتع بحسب ردود الفعل التي جعلت من اسمه ومسلسله «سيلفي» محوري نقاش في كل مكان. في «الشريان» تحرر القصبي من سلطة المخرجين ولم يتقيد بأي سيناريو فأطلق العنان لعفويته فكان ماتعا وهادفا وظريفا، فنال النصيب الأوفر من الصدى بين المغردين والنقاد وبإجماع تام. شيئا فشيئا يتوارى اسم طاش ما طاش من الساحة ويستأثر سيلفي بالمساحة الأكبر مترسخا بقوة في ذاكرة الناس، ومحرضا فضولهم ماذا بعد يا ناصر فالشهر في أوله!؟.