من منا يعرف هذا الاسم (كاسيوس مارسيلوس جونيور)؟ أجزم أن صاحب هذا الاسم تغلغل في قلوب أناس كثر، وخصوصا المسلمين، إذ كان انتماؤه للإسلام فاتحة لأن تتجه الرقاب لهذا الشاب الزنجي الذي خطف الأبصار في منازلة حامية الوطيس لنيل بطولة العالم للملاكمة. وهذا الشاب الذي لم يتجاوز عمره آنذاك 22 عاما استطاع هزيمة سوني ليستون بطل العالم في الملاكمة، وبعد ثلاث سنوات من تتويجه باللقب أعلن إسلامه فتناقل العالم هذا الخبر ليكون للمسلمين لاعب يهتفون له حبا ومناصرة. وخلال سنوات طويلة لم يكن شاغل الناس في عالم الملاكمة سوى محمد على كلاي. ذلك الملاكم (الثرثار) جعل العالم يثرثر عن انتصاراته على أرض الحلبة وعن موقفه السياسي، فمنذ إسلامه عام 1965 اتخذ طريقا خاصا به غير منقاد لأي جماعة أو فكر يسعى لاستثماره كقوة إعلامية يمرر من خلاله أيدلوجية محددة لذلك رفض الانتماء لجماعات إسلامية بعينها لكي لا يكون مطية سهلة الركوب. وعندما رفض مشاركة الجيش الأمريكي في حربه ضد فتنام كان لرفضه أصداء عالمية أخذت تعلل أسباب رفضه خوض تلك الحرب وطارت المسببات التي تزعمها المحللون وفي مقدمة تلك الأسباب أن البطل انتصر لقيمة الإنسان، وهو الرأي الذي تبنته كل الكتل التي تقف موقفا من توحش الرأسمالية فطار الشيوعيون والمسلمون بذلك الرأي، ولم يوقف هذه الحمية إلا إعلان كلاي أنه لن يحارب جيشا لم يلقبوه بالزنجي. ومحمد علي كلاي تنبه لقيود العبودية التي يجرجرها أبناء جلدته فكان موقفه التخلص من هذه القيود بأن التجأ الى الإسلام كدين يرفض العنصرية، ويعطي الإنسان قيمته من غير وجود رصيد للعرق الفاخر. وقد استطاع محمد علي كلاي الانتصار على الجميع ليس في الملاكمة، وإنما في رفض العنصرية العرقية أو الدينية متحررا من كل القيود التي كبلت أبناء عرقه، ويكاد إسلام كلاي يكون فاتحة لاستقطاب أعداد كبيرة باحثة عن دين لا يفرق بين الناس، فظلت لكماته ولسانه مصوبين في أي اتجاه يناله أو ينال دينه.بالأمس أسدل الستار على حياة أعظم ملاكم أنجبته لعبة الملاكمة، لكن لن تسدل الحجب على سيرته التي حملت الكثير من المواقف الفعلية أو القولية، أما ثرثرته المشهور بها فبقيت كسمة حوّلها مرض الرعاش من قول إلى حركة.. فظل جسده يثرثر بارتعاشات لا تتوقف.. بالأمس فقط همد ذلك الجسد الذي ظل منتصبا لسنوات في حلبة الملاكمة.