تلقت «عكاظ» تعقيبا من وزارة الشؤون البلدية والقروية مفاده أن البلديات الفرعية تقوم بدور مكاتب الأحياء، ذلك رد على مقال كتبته بعنوان «البلدية وترقية الأحياء» تحدثت فيه عن ضرورة إنشاء مكاتب للأحياء ترتبط بالبلديات لتكون بواباتها الخدمية، والحقيقة أن الوزارة تظن أن البلديات تقدم هذا الدور بينما الأمر ليس كذلك. البلديات الفرعية تأخذ دورا عاما لمنطقة من مناطق المدينة ولكن المكاتب التي قدمت الاقتراح بفتحها تأخذ دورا متخصصا في الوحدات المصغرة التي نقصد بها الأحياء، وإذا أخذنا مدينة جدة على سبيل المثال سنجد أن عدد البلديات الفرعية فيها لا يتجاوز 13 بلدية موزعة حسب ما يفيد به موقع الأمانة الرسمي، بينما عدد الأحياء التي يسكنها ما يزيد على 3 ملايين إنسان أكثر بكثير ويتفوق على قدرة هذه البلديات وطاقاتها الخدمية، فضلا عن أنها لا تعمل سوى كمكاتب ينتهي دورها عند إيصال الطلبات للأمانة، وليست معنية بالمتابعة أو التنفيذ أو التنسيق، أي أنها معدمة من الصلاحيات مثلها مثل المجلس البلدي الذي لا يقدم شيئا سوى التوصيات. في هذا الحال، ليس للمواطن دور سوى أن يفاجأ باعتماد مشروع أو أن يتذمر من سوء تنفيذه وفقا لتقديرات مركزية لا تراعي حاجته، هذا غير شعوره بالتهميش في المشاركة بالرأي من خلال القنوات التي يفترض إتاحتها له، ومن جانب آخر يعاني من سوء الخدمة وتعقيد المعاملات التي تتطلب المراجعة وربما تضطره للسفر إلى المصادر الرئيسية بشكل مباشر، لذلك نحن بحاجة إلى تفعيل دور البلدية التكاملي في مفهومه الحقيقي حتى تأتي المشاركة من منطلق حاجة المواطن ومعاناته. القيمة الجوهرية من فتح هذه المكاتب هي تعزيز قيمة تعمل على عدة أبعاد منها المشاركة من قبل سكان الحي في إصلاح مناطقهم السكنية، والتي تقتضي حصولهم على حقوقهم فيها وتمتعهم بالخدمات بدلا من استجدائها، مما يحول الدور الوطني الذي يرعاه العمل الحكومي إلى دور المواطنة الذي يفرض على المواطن تحمل المسؤوليات، ذلك سعي في تحقيق رؤية المملكة الواعدة التي تضمنت هذه القيم وتتطلب اليوم العمل عليها لتعم الفائدة على المدن ويتحقق من ذلك تنمية متوازنة وشاملة. لدينا الكثير من الأحياء السكنية التي لاتشملها الخدمات التعليمية والصحية والغذائية والترفيهية وغيرها من الخدمات الهامة، وهذه التجربة نجحت في الدول التي قدمت أعمالها من خلال مكاتب الأحياء اختصارا للوقت والجهد، وسنجني منها الكثير من الفوائد والتسهيلات وخلق قيم جديدة ذات أهمية لدى المواطنين، إضافة إلى فرصة توليدها للآلاف من الوظائف، هذا باعتبار أن المواطن هو المستفيد الأول من خدماتها ولا بد له من أن يكون شريكا فيها.