منذ نصف قرن وأنا أتعامل مع شركة الكهرباء وأسدد فواتيرها الشهرية التي ترتفع في الصيف وتنخفض إلى النصف أو الثلث في الشتاء، فلم يحصل معي خلال هذه العقود المنصرمة حتى تاريخه أن جاءتني فاتورة وفيها خطأ في أرقام الاستهلاك وأضربها في قيمة الشريحة وأجمعها فأجدها صحيحة «بالملي»! فأزداد إعجابا بدقة العاملين في أقسام الفواتير بشركة الكهرباء على الرغم من أن إمكانياتهم التقنية كانت قبل عقود إمكانيات متواضعة وقراءة العدادات تعتمد على القارئين الذين لا يحملون سوى مؤهلات تعليمية بسيطة جدا ولكنهم دربوا على عملهم فأخلصوا فيه ثم ساعدتهم أجهزة القراءة الإلكترونية في المزيد من الإتقان. ولما جاءت الشركة الوطنية للمياه قبل عدة سنوات بدأت الشكاوى ترتفع من وجود قراءات خاطئة أو عمليات احتساب مبالغ فيها في رسوم استهلاك المياه وتلك الشكاوى ليست مرتبطة بالارتفاع الحاد الأخير الذي طرأ على تسعيرة المياه وإنما عندما كان سعر المتر المكعب عشر هللات. وقد جاءني صديق متقاعد قبل سنوات ووجهه ممتقع لأنه جاءته فاتورة استهلاك المياه لدارته التي لا تزيد على أربع حجرات ولأسرته التي لا تزيد على خمسة أفراد بمن فيهم هو وزوجه، فكانت الفاتورة تحمل مبلغا يزيد على خمسين ألف ريال مع أن استهلاكه خلال الفترات السابقة لتلك الفاتورة لم يكن يزيد على خمسين أو ستين ريالا فنصحته بمراجعة فرع الشركة في أم القرى ففعل فاكتشف وجود خطأ في حساب الفاتورة وأن المطلوب الفعلي لا يزيد كثيرا على ستين ريالا فسددها وهو يقول لهم في نفسه: جبتوا لي القلق عساكم البلا! وشكا مواطن آخر أن موجة الغبار التي اجتاحت مدن المملكة اضطرته لغسل فناء منزله بقليل من الماء الذي لم يتجاوز الفناء نفسه فسجلت عليه غرامة قدرها تسعمائة ريال بحجة استخدام الماء في غير ما خصص له فدفع المواطن الغرامة وهو يتساءل: وهل منزله موصل بشبكة أخرى لأغراض التنظيف حتى يكون إجراء الشركة في محله؟!