صلاة التراويح سنة نبوية جاء في الأثر أن المصطفى صلى الله عليه وسلم صلاها في أيام من شهر رمضان في المسجد النبوي فأْتم به نفر من الصحابة -رضوان الله عليهم- فخاف أن تفرض عليهم فاكتفى بأدائها في داره الشريفة، ثم رأى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جمع من يصلون التراويح على إمام واحد، ووصف عمله بأنه بدعة حسنة، وأقيمت صلاة التراويح بالمسجد النبوي خلال العصور الإسلامية وفي جميع المساجد والجوامع بما في ذلك المسجد الحرام، حيث أصبحت التراويح تؤدى جماعة في شهر رمضان خلف إمام واحد. وقبل نحو نصف قرن، عُيّن الشيخ عبد الله الخليفي -رحمه الله- إماما في المسجد الحرام فجاء في أحد ليالي العشر من أحد شهور رمضان ومعه نفر من معارفه وأهله للتهجد في الحرم، فرآه الناس فأْتموا به، ولم يزالوا يتكاثرون حتى أصبح عدد الذين يشهدون صلاة التهجد مساويا أو يزيد على الذين يشهدون صلاة التراويح وكلها صلاة قيام، وفي ذلك خير، إلا أن الاكتظاظ الحاصل في أروقة الحرم بملايين المصلين خلال صلاتي التراويح والتهجد المتتابعين أدى إلى عدة أمور منها ما يلي: أولا: مضايقة الذين يؤدون مناسك العمرة عند دخولهم للحرم للطواف والسعي مع أن بعضهم يؤدي هذا النسك لأول مرة في عمره، ويفضّل في هذه الأيام الطواف والسعي ليلا لارتفاع درجة الحرارة نهارا نحو خمسين درجة، مع العلم أن الطواف بالبيت حتى لو كان على سبيل التطوع أفضل درجة من نافلة التراويح أو التهجد التي هي أفضل في البيت منها في المسجد، ولكن هذه النافلة، التي لا بأس من أدائها جماعة، أثرت على جموع المعتمرين والطائفين والساعين بسبب تتابع التراويح والتهجد لساعات. ثانيا: إن هذا الاكتظاظ المتواصل مرهق لرجال الأمن وعمال النظافة وإدارة الحرم وحركة السير، لا سيما في العشر الأواخر من الشهر الفضيل، ومن نوى التوسعة على إخوانه المعتمرين من ضيوف الرحمن بأداء التراويح والتهجد إن شاء في آلاف الجوامع المكية فإنه سيؤجر على نيته، فلماذا يفوت مثل هذا الأجر العظيم ما دام أن مكةالمكرمة كلها حرم، بل هي مسجد حرام بنص القرآن الكريم. لذلك فإنني آمل من كبار علمائنا الكرام الأعضاء في هيئة كبار العلماء دراسة الاكتفاء بصلاة واحدة للتراويح والتهجد في العشر الأواخر من رمضان بحيث تبدأ هذه النافلة في الساعة الثانية عشرة ليلاً وتنتهي في الساعة الواحدة والنصف صباحا، أما بقية ساعات الليل فتكون فرصة للطائفين والساعين عمرة أو تطوعا، والله الموفق لصالح الأعمال والحمد لله رب العالمين.