لأنه لا أحد يمكن أن يمسك لسانك فإنك تستطيع أن تقول تبًّا لأي شيء لا يعجبك، لكن السؤال هو هل أنت على حق أم لا.؟ لو راجعنا مواقف محاربي السينما أو رافضي وجود دور السينما في المملكة لوجدنا أن لديهم من المغالطات ما يصعب على الحصر. وعلى الأقل أحصيت من هذه المغالطات عشرا فيما يلي: 1 - إن السينما حرام والسؤال، لمن يستسهلون التحريم، هل مشاهدة فيلم كفيلم (عمر المختار) أو مشاهدة قصة امرأة تعاني وتجاهد لتربية أولادها أو كيف بنى (فيس بوك) إمبراطوريته حرام.؟! 2 - إن دور السينما كانت موجودة في المملكة في الستينات والسبعينات، ولم يفسق الناس، ولا ضيعوا دينهم بأي صورة من الصور. 3 - إن الناس يشاهدون الأفلام التي تعرض في السينما في التلفزيون، وبالتالي لن تأتي السينما بغير ما هو في التلفزيون الموجود في كل البيوت. 4 - إن الناس في إجازاتهم، قصيرة أو طويلة، يسافرون ومن أهدافهم مشاهدة الأفلام في قاعات السينما، وهذا يعني أنهم معنيون بالسينما، ويريدونها بعكس ما يشاع من أن السواد الأعظم من الناس غير راغب بها. 5 - إن ما يعرض من أفلام في السينما ليس كله سيئا، وليس كله جيدا، والأمر يعود للقوانين التي تنظم ما يجوز وما لا يجوز عرضه مثلها، أيضا، مثل التلفزيون تماما. 6 - مع وجود القوانين المنظمة فإن الإنسان العاقل البالغ المكلف هو الذي يقرر ما يشاهد في السينما وما لا يشاهد، وهذا يبطل الوصاية على عقله، ويبطل المنع المأخوذ على أساس حماية دينه ومروءته. 7 - إن دور السينما جامعة لأفراد الأسرة التي تستمتع معا بمشاهدة الأفلام المعروضة، وليست محطة لارتكاب الخطايا والموبقات كما يصورون، إذ أن الموبقات يمكن أن تُرتكب في أي مكان، وكثير منها يقع هذه الأيام أمام أبواب المدارس. 8 - إن السينما ستبث ثقافة السفور وعدم الاحتشام، وكأن دور السينما تفرض عليك ما تشاهد أو تفرض عليك ما تلبس. 9 - إن السينما باب واسع للاختلاط ومرة أخرى، بعد مليون مرة، فإن الناس يختلطون في الأسواق والمتنزهات العامة والحدائق بشكل طبيعي، وسيكون اختلاطهم في دور السينما على المنوال نفسه طبيعي أيضا. 10 - أخيرا، وهذا من أغرب ما سمعت، أن فتح دور للسينما سيؤدي إلى نشوء صناعة سينما سعودية يشارك فيها شباب وبنات البلد، ولست أعلم ما الخطأ أو الخطيئة في ذلك طالما أن صناعة من هذا النوع ستكون محترمة وتستثير إبداعاتهم وتشغلهم عن مواطن السوء ومغازلات (الإرهاب) لفراغهم وتعطلهم وخواء أفكارهم وأذهانهم وحياتهم بشكل عام. وهكذا، بعد هذه المغالطات العشر، تبدو (السينما) في نقاشنا الاجتماعي مجرد أمر عادي لم نتجرأ عليه؛ لأن البعض يضع أمام فتح دورها عراقيل وتخوفات من باب ما يظنه أو يتصوره، وليس من باب الأدلة الصلبة والدامغة على سوئها وخطورتها. مجرد هواجس شخصية تعطل إنشاء مرفق ترفيهي محترم لو وجد فإنه حتما سينفع البلد ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا.