عندما وقف ذاك الطفل السوري الجريح صارخا بوجه عدسة أحد المصورين: «بس أموت بدي خبّر الله كل شي»، لم يكن يتحدث مهلوسا من صدمة الغارة الجوية التي قتلت عائلته وجرحته بل كان يتحدث باسم كل الضحايا السوريين رجالا ونساء وأطفالا الذين قضوا بآلة القتل عند بشار الأسد وحلفائه الطائفيين. المذابح التي ارتكبتها طائرات النظام وحلفائه في إدلب ومعرة النعمان وكفرنبل والحولة ليست بالجرائم الجديدة والمستغربة من هكذا محور امتهن قتل الأبرياء من سورية وصولا لآخر دولة عربية، بل الجديد فيما يحصل هو ردة الفعل الدولية على هذه المذابح. الخارجية الأمريكية لم تعرْ الضحايا المدنيين اهتماما فقط أشارت في بيانها إلى أنه من المرجح أن طائرات النظام هي من قامت بالقصف وليس الطائرات الروسية، والخارجية الفرنسية بدورها صمتت، لا بل طالبت المعارضة بالعودة عن قرار مقاطعة المفاوضات في جنيف فيما الأمين العام للامم المتحدة مون استكثر قلقه على الضحايا هذه المرة.. فمن يبكي على الشعب السوري إذن!؟ الأسد يقتل ويسفك الدماء ليس شجاعة ولا إقداما بقدر ما أن فعل القتل عنده بات فعل تواطؤ من قبل المجتمع الدولي الذي يدير وجهه عن كل هذه الجرائم لا بل يبررها ويضع عينيه بعيون الضحية، إما شامتا أو مطالبا إياها بالاعتذار من القاتل. الأزمة السورية لا بد أن تنتهي يوما، فالدماء لن تذهب هدرا، ليس ذلك بكلام عاطفي بقدر ما هو قواعد وحقائق إنسانية تاريخية منطقية إلا أن أزمة العدالة في مؤسسات المجتمع الدولي ستستمر وتستمر طويلا في سورية لن يسقط بشار الأسد وحده بل سيسقط معه كل المتواطئين في العالم كل من تنشق رائحة الاسلحة الكيماوية وصمت عنها وكل من رأى اشلاء الاطفال والنساء في أسواق بلدات ادلب وتنكر لها. الأسد سفاح العصر كما وصفته مجلة «تايم» على أحد أغلفتها أخيرا، هو سفاح يختلف عن سلسة السفاحين في التاريخ فكل السفاحين كانوا منبوذين من الجميع فيما الأسد المجتمع الدولي يحميه بمنع سقوطه، يبارك جرائمه لا بل يكبل الضحية كي لا تقاوم.. فلم يعد يحتاج الشعب السوري إلا لمن يبكي عليه بعد كل هذا الخذلان العالمي.