تتماهى طموحات المخرج السعودي الشاب محمود الصباغ في سبره أغوار العالمية والخروج من قمقم التحديات، مع سعيه الدؤوب للانتصار لقناعاته السينمائية على أرض الواقع، رغم عراقيل الخصوصية والنظرة المضطربة لدى المتوجسين من سابع الفنون وأوسعها، وبالحديث الذي ساقه على مسامع الإعلام في مؤتمره الصحفي لفيلمه الجديد «بركة يقابل بركة» الذي نظمه مجلس الفن السعودي، برهن على أنه أشرع أبواب النجاح كيفما يريد حين بدا منتشيا بجائزة برلين التي حطمت في داخله كما يقول كل قيود من شأنها تأطير أحلامه وتقييض أهداف. يقول عن قصة جائزته «كان مهما بالنسبة لي ولفريق العمل أن نعود بهذا الإنجاز، فليس أجمل من تتويج ما تعمله بتقدير يسبغك بالحافز ويزيدك قوة ورغبة، لا توجد صناعة للسينما في السعودية ولا صالات للعرض وبطبيعة الحال لا مهنيين ولا جهات أكاديمية فنية يمكن أن تتعاطى معها لقياس مدى نجاح إنتاجك من عدمه». يضيف: «بركة يقابل بركة» بالنسبة لي ليس مجرد عمل سينمائي، بل رسالة فنية بقيمة عالية كان مهما أن تصل إلى العالم، وبتتويجنا بجائزة مهرجان برلين السينمائي نكون قد وضعنا خطوة أولى في طريق الأهداف، فالجائزة جاءت بجهود ذاتية وبما يزيد على 95% من نسبة العاملين فيه سعوديون ولعلها تكون نواة حقيقية لسينما محلية وقاعدة انطلاق جديدة لها. يقول عن فحوى عمله السينمائي الأخير: «تدور الأحداث في حي الهنداوية الذي كان في حقبة ما قلب مدينة جدة النابض، إذ شهد تفاصيل حياة الكثير من المشاهير السعوديين في الفن والرياضة، وتعمد أن يكون التصوير في الفضاء العام وبقالب بسيط يتناول قصة حب لشاب من الطبقة المتوسطة يعمل مراقبا في البلدية أدى دوره الفنان هشام فقيه، مع شابة من الطبقة المخملية قامت بتجسيد دورها الفنانة فاطمة البنوي، وشهدت الكثير من الأحداث البسيطة التي حرصت على أن تلامس مواضيع مختلفة ومنوعة». وعن العقبات التي واجهته، قال الصباغ: «كان الحصول على التصاريح والتأشيرات الخاصة بالمهنيين أصعبها، نحتاج لجهة رسمية معنية بصناعة السينما في المملكة يكون من شأنها تسهيل كل العقبات خصوصا أن الكثير من الإنتاجات يقوم عليها شباب ومضمونها يستحق الاهتمام والدعم». وأبان الصباغ أن الفيلم يستهدف الجمهور السعودي بالدرجة الأولى، ورغم النجاحات التي حققها عالميا لكنه يأمل أن يستمع إلى ردود فعل السعوديين عليه ومدى تقبلهم للعمل، خصوصا أولئك القاطنين في أحياء مدينتي مكةوجدة التي يعد الفيلم مشابها لنمط الحياة فيها»، مشيرا إلى أن الكثير من القنصليات طلبت منه عرض الفيلم في صالاتها إلا أنه رفض ذلك ويتمنى أن يعرض في «أحواش جدة» كما كان يحدث قبل ثلاثة عقود في السبعينات، موضحا أن فيلمه رشح للمشاركة في المهرجان السينمائي في هونغ كونغ أواخر الشهر الجاري. أما الفنان هشام فقيه، فعبر عن رأيه بالجائزة بالقول: «كانت تجربة جديدة كليا وفتحت لي آفاقا فنية واسعة، ونتمنى أن تحظى بالدعم لتحقيق المزيد من النجاحات»، وتتفق معه الفنانة فاطمة بنوي بأنها تجربتها الأولى وفوجئت بأن الفيلم لاقى هذا الزخم وحظي بهذه الحفاوة العالمية.