ارتبط الخليج العربي بمهنة الصيد منذ القدم، إذ كانت السمة الأبرز لسكانه، خصوصا البحارين، قبل أن تندثر في ظل الطفرة التي غيرت كثيرا من ملامح الماضي، على رغم تمسك الجيل القديم بموروثه ومحاولة إحيائه بين الأبناء. مهنة الصيد كانت تعتمد قديما على جودة الشباك التي يستعين بها الصيادون في أعماق البحر، لذا كان لها مختصوها الذين عايشوها على مدى سنين طويلة، احترفوا فيها صناعتها توارثا عن الآباء والأجداد. أكثر من 60 عاما قضاها الحرفي صانع شباك الصيد حسين بن مبارك آل فويز في صناعة الشباك ببلدة عنك، إذ فرضت مهارته العالية على زوار مهرجان الساحل الشرقي خلال مشاركته للعام الرابع على التوالي الوقوف عنده طويلا ليتأملوا مدى دقته في نسج الشباك بأحجام معينة وأنواع مختلفة. يقول آل فويز: «مهنة صناعة شباك الصيد أصبحت تراثا ولم يعد يهتم بممارستها إلا القليل وذلك لعدم وجود المردود المادي الكافي، كونها مهنة تحتاج إلى الصبر والدقة والمهارة والوقت الطويل لإنجاز الشباك، إذ أن بعض أصناف الشباك تحتاج إلى نحو شهر لإنجازها، كما أن الطلب عليها أصبح قليلا». وأشار إلى أنه تعلم الحرفة عندما كان يبلغ العاشرة من عمره ولأكثر من 60 عاما بعد أن ورثها من والده، إذ أكد أن صناعة الشباك تتطلب المعرفة التامة بأسرار مهنة الصيد والخبرة الكافية بأنواع الأسماك وأحجامها، إذ إن أنواع الشباك تختلف بحسب أحجام الأسماك التي يتم صيدها، مستعرضا بعض تلك الأنواع التي يتم استعمالها في الغالب وهي «النكاسة» لصيد السمك و«الديين» التي يستخدمها الغواصون لصيد المحار. الحرفي عبدالله بن محمد المقبالي المشارك من سلطنة عمان، قال: «أمارس مهنة صناعة الشباك منذ نحو خمسة عقود، وكل من يعمل في حرفة صناعة شباك الصيد من الطبيعي أن يكون صيادا ماهرا، وعلى النقيض فليس كل صياد يستطيع أن يصنع الشباك».