تقدم عضو مجلس الشورى عضو لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور جبريل العريشي، بمقترح بشأن حيادية الإنترنت، طالب فيه بأن تكون هناك فرص للتنافس بين مقدمي الخدمات على الإنترنت، والسماح للشركات الصغيرة والناشئة بأن تجد لنفسها فرصة للازدهار والمنافسة في تقديم الخدمات لمستخدميها. ويصف الدكتور العريشي في مقترحه معضلة حيادية الإنترنت التي ظلت خاضعة للنقاش والجدل طوال العقد الماضي، مضيفا: «يبدو أنها ستظل مطروحة للنقاش لفترة أخرى قادمة بالرغم من سن القوانين التي تفرض الحيادية في كل من أمريكا وأوروبا. فقد أعيد طرح هذا الأمر في وسائل الإعلام بشدة، خصوصا مع ظهور تسريبات تتحدث عن قرب اتفاق جوجل مع شركة فريزون الأميركية للاتصالات بهدف زيادة سرعة المحتوى الذي تقدمه جوجل مقابل رسوم يتم دفعها». واستدرك: «صحيح أنه تم نفي وجود هذا الاتفاق من كلا الشركتين، إلا أنه يضع معضلة حيادية الإنترنت في دائرة الضوء مرة ثانية». وقال: «حيادية الإنترنت تعني أن يوفر مزودو الخدمة معاملة متساوية لأي محتوى يتحرك جيئة وذهابا عبره، دون النظر لمصدر هذا المحتوى أو نوعه، مما يوفر فرصا متساوية أمام كل شركات المحتوى لتقديم عروض تنافسية لمستخدمي الإنترنت، تكون فيها جودة المحتوى - وليس سرعة بثه - هي أساس المفاضلة بين تلك العروض، وهذا لا يشمل بالطبع أي محتوى غير مشروع، إذ يمكن حينئذ حجبه بموجب القانون».وفي ظل حيادية الإنترنت، يواصل الدكتور العريشي: «يقوم مستخدمو الإنترنت بدفع رسوم استخدام النطاق العريض حسب السرعة التي يرغبون فيها، وهي تمثل سرعة الاتصال بينهم وبين مزود الخدمة نفسه، وهذا هو الأمر الوحيد الذي يتحكم في سرعة استخدامهم للإنترنت، ويقوم مزود الخدمة بعد ذلك بإتاحة مسارات ذات سرعة متساوية إلى أي موقع يختارون الوصول إليه». ويشرح الأمر بقوله: «فلو كانت شركة لألعاب الإنترنت - على سبيل المثال - لا تستطيع توفير مسار سريع لعملائها من مستخدمي ألعابها على الإنترنت، فهذا يعني أن تفقد هؤلاء العملاء الذين سيتوجهون نحو شركة أخرى منافسة توفر مسارا سريعا لألعابها، ولكنهم في الوقت نفسه سيدفعون رسوما أكبر مقابل سرعة الاستخدام التي حصلوا عليها. ومع انتشار ذلك، فإن شركات المحتوى العملاقة هي التي ستسيطر في النهاية على الإنترنت، إذ ستتنافس على شراء مسارات أسرع، ما سيؤدي إلى القضاء على الشركات الأصغر، ويمنع الشركات الناشئة ذات الأعمال الابتكارية من البزوغ، ويرفع أسعار المحتوى أمام المستخدمين. ولولا هذه الحيادية لما كان لشركات مثل فيس بوك أو تويتر أن تظهر عند بدايتها في فضاء الإنترنت». وبصورة أكثر وضوحا يقول الدكتور العريشي: «هذا يشبه طريقا مزدحما بالسيارات، فتقوم شركة ما باستئجار حارة من الطريق خصيصا لسياراتها بحيث يمكنها أن تنطلق فيها بسرعة فائقة، في الوقت نفسه الذي يزداد فيه الطريق ازدحاما على باقي السيارات، نتيجة اقتطاع هذه الحارة. وكلما قامت شركة باقتطاع حارة كلما ازداد الازدحام، حتى تتوقف باقي السيارات التي تخص الأفراد أو الشركات الصغيرة أو تكاد، لأنها لا تستطيع توفير نفقات حارة خاصة بها. ومن هنا نجد أن وجود نظام يضمن حيادية الإنترنت هو حماية للمستخدمين، الذين ما وجد الإنترنت إلا لصالحهم، كما أنه حماية للأفكار الإبداعية والشركات الصغيرة والمتوسطة من أن يتم خنقها بواسطة الكبار».