لم يعقها عملها طبيبة أطفال ولا مسؤولياتها الأسرية والاجتماعية والإنسانية عن ممارسة هوايتها (الغوص في أعماق البحار)، وبلغت مرحلة التحدي في هذا المجال، لتصبح أول مغامرة سعودية تحقق رقما قياسيا بالغوص في أعماق الدائرة القطبية الشمالية وليس في بحار المنطقة العربية فقط. وتقول طبيبة الأطفال الدكتورة مريم فردوس في حوارها مع «عكاظ» إنها شغوفة جدا برياضة الغوص ووصلت فيها مرحلة «كبير غواصين» و«مرشد إنقاذ»، فضلا عن ممارستها ركوب الخيل والطيران الشراعي وتسلق الجبال، كما أنها تعشق السفر والمغامرات، وللجانب الإنساني والأعمال التطوعية مساحة كبيرة في حياتها، فهي سفيرة لإحدى المنظمات الخيرية العالمية. وبينت أن دراستها للطب لم تمنعها عن ممارسة الرياضات بمختلف أنواعها، خصوصا الغوص، لافتة إلى أنها ولدت في مكةالمكرمة ودرست في كلية الطب والجراحة في جامعة الملك عبدالعزيز، وتواصل حاليا الدراسة العليا في جامعة الملك سعود للعلوم الصحية بالحرس الوطني قسم صحة عامة في الوبائيات. أنت أول غواصة سعودية تحقق رقما قياسيا في الغوص في الدائرة القطبية الشمالية برفقة فريق محترف.. حدثينا عن هذه التجربة؟ هذا فخر لي، فالإنجاز يحسب للمملكة، ويثبت أن المرأة السعودية قادرة على تحقيق الألقاب والأرقام الصعبة في جميع المنافسات، وقد تحقق ذلك من خلال فريق الدومينو مع الكابتن حسام شكري، وكانت الفكرة في الأساس هي الغوص في القطب الشمالي الجغرافي وهو الموقع الذي تثبت فيه البوصلة إلى الشمال فقط والوصول له بحد ذاته يعد إنجازا، ولأن طموحنا كبير لم نفكر في الوصول فقط بل الغوص فيه وتسجيل إنجاز عالمي يحسب لبلدنا، ولأن كل طموح تسبقه مرحلة تخطيط كان لابد لنا من تجربة الغوص في بيئة مشابهة للقطب الشمالي من حيث الطبيعة والأجواء والحصول على رخص معينة كرخصة الغوص بالبدلة الجافة وغوص الجليد ومن هنا كان دوري الرئيسي في التنسيق ومراسلة الشركات العالمية المتخصصة لبحث إمكانية الغوص في الدائرة القطبية وهذا ما حققناه في رحلتنا السابقة. هل وجدت معارضة من الأسرة؟ على العكس تماما، أسرتي لم تعارض موهبتي بل دعمتني وشجعتني، رغم أني فتاة مكية ومن بيئة لها خصوصية تختلف عن أي مكان في العالم، حيث تربيت على احترام العادات والتقاليد، ولكن في الوقت ذاته تربيت على أن العقل السليم في الجسم السليم، وممارسة الرياضة جزء من بناء الجسم السليم، وقد منحتني أسرتي خصوصا الرعاية الكاملة، وهيأت لي الأجواء التي تساعدني على تنمية موهبتي وهواياتي تحت أنظارهم مع الحرص على احترام الغير والعادات. كيف توفقين بين الهواية والمهنة والحياة الأسرية والعمل التطوعي؟ أحاول تحقيق التوازن بين هذه الأشياء، فأنا أحب عملي وأتفانى فيه، ولكني فور خروجي منه أحاول أن أعيش حياتي الأسرية وأمارس هواياتي كأي إنسانة عادية، أما العمل التطوعي فعملت في مجال الطوافة فأنا ابنة لأسرة مكية تربت على تقديم الخدمات لحجاج بيت الله الحرام ومازلت أذكر مكوثهم في بيتنا وكيف كنا نلتف حولهم لمساعدتهم، كما أنني أثناء دراستي الجامعية كنت عضوة في إحدى الفرق التطوعية لمساعدة مرضى الأربطة والأيتام، وتطوعت في موسم الحج على مدى أربع سنوات في مستشفى الطوارئ في منى، وأثناء ابتعاثي في بريطانيا تطوعت في جمعية خيرية وما زلت على تواصل معهم، وتشرفت كذلك بالحصول على شهادات تكريم من وزارة الصحة لتطوعي في مواسم حج عديدة، وشهادة تقدير من بعثة حجاج دولة بنين خلال عملي في مؤسسة حجاج أفريقيا غير العربية، وحاليا أنا سفيرة في منظمة African impacts التي تعتني بالأطفال والنساء، ولها أكثر من 36 مقرا موزعة على دول أفريقية. ماهي أبرز التحديات التي واجهتك؟ الحياة بالنسبة لي عبارة عن تحديات، وأحب هذه التحديات جدا، وأعتبر أن أبرزها تغيير النظرة في الكوادر الطبية النسائية وإعادة الثقة فيها، وثاني التحديات هي تغيير نظرة المجتمع تجاه الرياضة النسوية التي يعتبرها البعض من الكماليات في الحياة رغم أنها من الضروريات، كما أن البعض يصنف بعض الرياضات على أنها ذكورية أو أنثوية وهذه فكرة خاطئة لا بد من تغييرها.