في اللحظة التي تضع «الهيدفون» على أذنيها، وتجلس أمام «الكاميرا» تتلبسها تلك الشخصية المتوارية خلف ابتسامتها، فيعجز لسانها عن الكلام، وتتأهب أصابعها للحديث، وتصبح ملامح وجهها جاهزة لترجمة مشاعرها دون أن تنبس ببنت شفه. فايزة نتو.. صديقة الصمت.. تقضي معظم وقتها في سكون وهدوء لا تستخدم سوى يديها، تخطف أنظار الجميع، فالصم والبكم ينتظرون حركة يديها باعتبارها آذانهم وألسنتهم، فيما يتابعها الأسوياء باندهاش بالغ من باب الفضول لعلهم يكشفون مدلولا واحدا لإشاراتها. نتو.. رئيسة نادي الصم بجدة، والمترجمة للغة الإشارة بمنتدى جدة الاقتصادي منذ 2006 وحتى الآن، هي تجربة امرأة سعودية تستحق التوقف، خصوصا أنها لم تفكر يوما في أن تنحو حياتها هذا المنحى، مذ تخرجت وعملت ومعلمة للتاريخ. انتقلت إلى أهم المراحل حسما في حياتها حين عملت في هذا المجال منذ 2002، بدافع إنسانية ابنتها، التي اهتمت بفئة الصم والبكم وضعيفي السمع، ما دفعها إلى الولوج في هذا الطريق طواعية. وعن أكثر الكلمات التي يصعب ترجمتها إلى لغة الإشارة، تقول نتو: أحتار في ترجمة كلمة (الديمقراطية) ما يدفعني إلى شرح معناها، أما أكثر ما أعاني في إيصاله للصم والبكم أثناء الترجمة للغة الإشارة فهو الشعر النبطي، حيث بلاغة المفردات وعمق المعاني. في بداياتها عانت نتو كثيرا للفوز بثقة الصم والبكم التي تسعى بكل ما أوتيت للحصول عليها، ومن أطرف مواقفها حين ترجمت إشارة (أنتم أحبائي) إلى (أنتم كذابين)، ما تسبب في حالة غضب شديدة، لولا تدخل أحد الزملاء القدامى، ليشرح لهم أن «نتو» مازالت جديدة في هذا المجال. نتو.. تؤكد أن منتدى جدة الاقتصادي فرصة جيدة للترجمة بلغة الإشارة التي أصبحت واحدة من اللغات المهمة التي لا تقل أهمية عن الإنجليزية وغيرها، خصوصا مع زيادة عدد هذه الفئة الغالية على قلوبنا.