إذا كانت الأصوات المرتفعة تشكل القاسم المشترك للاحتفالات والولائم الكبيرة، فإن احتفالية تكريم 50 أصم وأبكم، بينهم 22 امرأة ورجلا من بريطانيا، كسرت هذه القاعدة، وحولت العشاء الصامت إلى فرح مسكون بالسكينة، فيما الأصابع تلوح في فضاء الحفل لتعبر عن أيقونة الفرح وتبادل الأفكار وتلاقح التجارب. مظلة التعارف بين الصم والبكم من المملكة وبريطانية، رفع أعمدتها عمدة حي الهجلة في العاصمة المقدسة محمود بيطار تكريما لأصحاب هذه العاهة، في الوقت الذي وصفت فيه المتخصصة في لغة الإشارة وزوجة مؤسس مركز الصم في لندن صدفة نقدي، تجربة المملكة في رعاية الصم بأنها «رائعة ومن أفضل التجارب على المستوى العربي»، داعية للاستفادة منها. وأشارت نقدي إلى حاجة الصم في العالم الإسلامي لترجمات متخصصة في لغة الإشارة، وتحديدا في مجال الفقه والعبادات وبعض ما يهم المسلم، في إشارة إلى افتقار مكتبة الصم لمثل هذه الإصدارات، وهو ما دفع مركزنا إلى محاولة تفسير القرآن الكريم. وبحسب المتخصصة نقدي، فإن التفسير يحتاج لفهم البيئة التي نزل فيها القرآن، ومعرفة أسباب نزول الآيات والسياقات التي نزلت فيها، إضافة إلى فهم الخصائص البلاغية والبيانية التي تتمتع بها اللغة العربية، «لنتمكن من نقلها بدقة وأمانة لأكثر من 600 أصم مسلم متواجدين في بريطانيا دون إضافة أو حذف أو تغيير للمعنى، ولتوفير مصادر دينية بلغة الإشارة». وخلصت صدفة نقدي إلى أن مركز الصم الذي تأسس عام 2007م في بريطانيا يسعى لأن يكون جهة متخصصة لتعليم الصم المسلمين، مطالبة بتنفيذ فكرة إنشاء شاشات للترجمة بلغة الإشارة في أكثر من موضع في الحرم المكي، وأن يتواجد إرسال داخلي يوفر خدمة الترجمة أثناء خطبة الجمعة عبر شاشات الهاتف الجوال، داعية لتوحيد القاموسين الخاصين بلغة الإشارة لتسهيل شرح معاني القرآن. من جانبه، أوضح ل «عكاظ» مترجم لغة الإشارة محمد جحلان أن هذه اللغة تختلف في ملامحها بين كثير من البلدان، وهو ما يستوجب التدخل لوضع آلية لترجمة عالمية موحدة خاصة في الأصول التي تعتمد عليها اللغة. وبين جحلان أن الصم في مكةالمكرمة يعانون من عزلة «نتيجة عدم وجود مظلات تساعد على اجتماعهم»، مشددا على حاجة العاصمة المقدسة لنادي خاص بالصم، يساهم في تحقيق الرعاية الاجتماعية والتواصل فيما بينهم. ولم يتردد جحلان في التلميح إلى أن القطاع الخاص تجاهل الصم في التوظيف والتدريب، رغم ما أثبتته الدراسات من أن الصم يتفوقون على كثير من الأسوياء ويتميزون بمحافظتهم على العمل. شرح صورة: )