يمر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) منذ تسعة أشهر بأخطر مرحلة في تاريخه الذي يمتد لأكثر من قرن من الزمن، بعد فضائح الفساد وتبييض الأموال التي ضربته عشية الانتخابات الرئاسية في مايو الماضي وأدت إلى اعتقال عدد من المسؤولين فيه، وتوالت الفضائح إلى أن وصل الأمر إلى إيقاف رئيس الفيفا السويسري جوزيف بلاتر ورئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني لمدة ثماني سنوات بسبب دفعة «مشبوهة» من الأول إلى الثاني عام 2011 عن عمل استشاري قام به الفرنسي لمصلحة الفيفا بين 1999 و2002 بعرض شفهي. وتجري انتخابات جديدة اليوم في زيوريخ بعد أقل من تسعة أشهر فقط على الانتخابات السابقة التي فاز فيها بلاتر على الأردني الأمير علي بن الحسين، ثم اضطر إلى الاستقالة بعد أربعة أيام فقط بسبب توالي الفضائح. مايو أوقف في شهر مايو الماضي سبعة مسؤولين في كرة القدم العالمية في زيوريخ بطلب من القضاء الأمريكي ومنهم عضوا اللجنة التنفيذية في الفيفا جيفري ويب من جزر الكايمان واوجينيو فيغويريدو من الأوروغواي. كما وجهت تهم إلى 14 شخصا (منهم تسعة مسؤولين كانوا أعضاء في الفيفا في حينها أو في السابق) بتهم فساد وتبييض أموال تصل إلى 150 مليون دولار منذ عام 1990. كما فتح القضاء السويسري في اليوم ذاته تحقيقا مستقلا بشأن منح روسيا وقطر استضافة مونديالي 2018 و2022. وخلال هذ الشهر طلب ميشال بلاتيني من بلاتر الذي يرأس الفيفا منذ 1998، أن يسحب ترشيحه وأن يستقيل من منصبه، لكن السويسري (79 عاما) رفض ذلك. وفي أواخر الشهر أعيد انتخاب جوزيف بلاتر رئيسا للفيفا للمرة الخامسة على التوالي. يونيو وضع بلاتر استقالته بتصرف الجمعية العمومية للفيفا ودعا إلى انتخابات جديدة، وأعلن بلاتيني ترشحه، قبل أن يفتح القضاء السويسري تحقيقا بحق بلاتر «للاشتباه بإدارته غير الشرعية وسوء الائتمان»، وهو متهم ب «الدفع غير المشروع» لمبلغ مليوني فرنك سويسري إلى بلاتيني، واستمع إلى الأخير كشاهد في هذه القضية. أكتوبر أعلنت لجنة الأخلاق المستقلة في الفيفا إيقاف بلاتر وبلاتيني وجيروم فالك لمدة 90 يوما بقضايا فساد يحقق فيها القضاء السويسري، وأيضا إيقاف الكوري الجنوبي تشونغ مونغ-جوون ست سنوات، واستأنف بلاتر وبلاتيني قرار إيقافهما قبل أن يعترف بلاتيني في مقابلة نشرتها صحيفة «لوموند» أن ليس لديه عقد مكتوب يثبت انتدابه للعمل مع الفيفا، الذي أعلن تجميد ترشيحه للرئاسة الفيفا طالما لم يزل موقوفا. نوفمبر رفضت لجنة الاستئناف في الفيفا طلبي الاستئناف لبلاتيني وبلاتر لرفع الإيقاف عنهما، ولجأ الفرنسي إلى محكمة التحكيم الرياضي (كاس) وطالبت غرفة التحقيق في لجنة الأخلاق التابعة للفيفا بإيقافه مدى الحياة، قبل أن يصدر القرار في ديسمبر المقبل بتوقيف اثنين من نواب رئيس الفيفا فجرا في زيوريخ بناء على طلب الولاياتالمتحدة، وأشارت وزيرة العدل الأمريكية لوريتا لينتش مساء اليوم ذاته إلى اتهام 16 مسؤولا آخرين جميعهم من أمريكا اللاتينية في قضايا فساد. ديسمبر كشفت صحيفة «لو جورنال دي ديمانش» وجود مذكرة يعود تاريخها إلى 1998 وزعت على المسؤولين في الاتحاد الأوروبي تعتبر بلاتيني «موظفا لدى الفيفا»، وفي هذا الشهر قرر بلاتيني مقاطعة جلسة الاستماع إليه في 18 من الشهر ذاته تعبيرا «عن سخطه العميق إزاء إجراء يهدف إلى منعه من ترشيح نفسه لرئاسة الفيفا»، وتولى سبعة قضاة الاستماع إلى بلاتر لمدة ثماني ساعات، وفي أواخر الشهر صدر قرار بإيقاف بلاتيني وبلاتر معا لمدة ثماني سنوات. يناير أعلن بلاتيني أنه «لن يتقدم للترشح لمنصب رئيس الفيفا، قبل أن يطالب القضاء الداخلي للفيفا بالإيقاف مدى الحياة للنائبين السابقين للاتحاد الأمريكي الجنوبي الكولومبي لويس بيدويا والتشيلي سيرخيو خادوي.