كشف الدكتور مدثر عبد الغني وزير الاستثمار السوداني في تصريحات خاصة إلى «عكاظ»، أن اتفاقية الحصاد المائي التي وقعتها المملكة مع السودان (الأسبوع الماضي) تقضي بدعم مشاريع هندسية لاستغلال نحو 400 مليار متر مكعب من مياه الأمطار المهدرة التي تهطل على السودان سنويا. ويعد هذا الرقم الضخم نقلة نوعية في المخزون المائي الذي يمكن أن يستفيد منه السودان قياسا بمعدلات حصته الرسمية من مياه النيل، حيث يمكنه أن يستغل (ما يعادل أكثر من 21 مرة) من حصته من مياه النيل والتي لا تزيد على 18.5 مليار متر مكعب سنويا. لكن عبدالغني اعتبر هذا التحدي الذي «سيتم على مراحل» مرحلة مهمة لاستغلال تلك الكميات التي كانت في السابق تهدر في الأودية وتروح هباء منثورا دون استفادة مثالية لها، وقال: «تهطل سنويا مياه الأمطار ولا يتم استغلالها، والاستفادة من مياه الأمطار فيها استقرار كبير جدا لمناطق طرفية بعيدة تمر بها تلك الأودية، ويمكن استغلالها في مشروعات الثروة الحيوانية والإنتاج الزراعي، بالإضافة إلى أنها ستشكل استقرارا لسكان تلك المناطق الذي نحتاجه للتنمية». وبين أن اتفاقية الحصاد المائي التي وقعها وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف - لدى زيارته الخرطوم أخيرا - مع نظيره السوداني بدرالدين محمود تعنى بتنفيذ برامج هندسية لتوفير هذه المياه، ثم تأتي بعدها مشاريع الإنتاج. ووصف الاتفاقات الموقعة بين البلدين بأنها تعكس الإرادة الكبيرة من الحكومة السعودية على دعم القطاع الخاص الاستثماري في المجالات الإنتاجية، لافتا إلى «اتفاقيات استثمارية وتمويلية مختلفة في إطار مبادرة خادم الحرمين الشريفين لتوفير الأمن الغذائي»، والمملكة لديها استعداد لتمويل المشروعات ضمن هذه المبادرة. وحول تخوفات المستثمرين السعوديين من الاستثمار في السودان وما إذا كان ذلك سيدفع حكومته لوضع المزيد من التشريعات والقوانين لضمان استثمارات الأجانب خصوصا السعوديين، اعتبر أن القوانين السودانية جاذبة جدا «لكننا نطور فيها لتكون أكثر مرونة وبها المزيد من المزايا والإعفاءات، وكثير من الأمور عالجناها بالممارسة من خلال الإجراءات الإلكترونية والتحويل الإلكتروني». واعتبر المستثمر «هو الذي يجب أن يتحدث عن نفسه، هناك تجارب ناجحة وموجودة وتتجه للتوسع». وشدد الوزير السوداني على أنه «من المهم جدا أن يعرف المستثمر طبيعة وواقع التعامل في السودان لأن الكثير منهم عندما يصلون للاستثمار يضعون في خاطرهم أن الموقع جاهز ومكتمل الخدمات وتتوفر فيه شبكات الطرق والكهرباء، لكننا عندما نطرحه للاستثمار نطرحه بوضوح شديد جدا على أن يكمل المستثمر هذه المنشآت، صحيح أن الدولة توفر الأساس ولكن ذلك يتم حسب الإمكانات». واعتبر أن إجمالي حجم الاستثمارات السعودية في السودان والذي يفوق 11.4 مليار دولار أبلغ رد على المتخوفين، مضيفا «كثير من المستثمرين الذين فشلت استثماراتهم لم يتبعوا الطريق الصحيح في الاستثمارات، ومعظم العراقيل التي ينظر لها البعض تأتي لعدم اتباع الإجراءات الصحيحة وعدم الدخول من البوابة الرئيسية، والبعض يذهب مباشرة للمواقع الاستثمارية التي يعتقدون أنها مناسبة أو غير مناسبة ويبدؤون في الإجراءات على مستوى محلي، ونريد التأكيد على أن المستثمر السعودي لديه نافذة خاصة في وزارة الاستثمار حيث تتم متابعته وهي الطريقة الصحيحة»، محذرا من عدم اتباع الإجراءات الصحيحة والتي تدخل المستثمرين في حلقة مفرغة، «وهم في الأصل لم يصلوا إلى الدولة، لكنهم يعتقدون أن المسؤولية تقع على الدولة لأنها لم تكمل له الإجراءات». وحول تركز الاستثمارات في ولاية الخرطوم وعدم وجودها في الأقاليم الأخرى مما يعد مؤشرا على غياب البنية المناسبة الجاذبة للمستثمرين، اعترف وزير الاستثمار السوداني أن الخرطوم تستحوذ على العدد الأكبر للمشاريع الاستثمارية في السودان وهو أمر طبيعي موجود في كل البلدان بحكم أنها العاصمة، لكنه «إذا تحدثنا عن الحجم المالي للاستثمارات في السودان نجد أن 70% من قيمة الاستثمارات تتركز خارج الخرطوم، وأبرزها أنشطة التعدين والزراعات الإنتاجية الكبيرة والأسمنت والنفط كلها خارج العاصمة لأنها تحتاج مواقع بعيدة جدا وهي تشكل أساس الاستثمار»، مستدلا بمشروع الراجحي الذي يتكون من 400 ألف فدان، فيما المساحات الاستثمارية في ولاية الخرطوم تتراوح بين 10-15 فدانا فقط.